ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ، (١) وقوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ* رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ،) (٢) وجدته يجعل الذين استجابوا دعوة رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في زمانه شفاها وآمنوا بالله ورسوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أصلا ، وسائر المؤمنين ـ ممّن تقدّمهم أو لحق بهم ـ فرعا وملحقا بهم.
ومن هنا تعرف أنّ الخطاب بلفظ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تشريف خاصّ لمن آمن برسول الله في دعوته من المسلمين ، هذا.
وأنت تعلم أنّ خطاباته سبحانه على الحقيقة ؛ أي أنّه يعني بالمؤمنين في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) المؤمنين حقيقة ، ويخصّهم في بياناته وتشريعاته ، وهو أعلم بالسرائر ، وأمّا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وغيره من الأنبياء والأئمّة ـ عليهمالسلام ـ فوظيفتهم هو الركون على المتراءى من إسلام الناس ، فلا وجه لأخذهم صفة الإيمان في خطاباتهم ؛ حتّى يختصّ تعليمهم بالمؤمنين ، ويتميّز غير المؤمنين عنهم بالخروج عن دائرة البيان ، مع كون وظيفتهم الاختلاط مع الجميع ودعوة الجميع وتربيتهم ، فافهم.
قوله سبحانه : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
قد مرّ الكلام في معنى الاستعانة بالصبر والصلاة في أوائل السورة ، وعلّله هاهنا
__________________
(١). الطور (٥٢) : ٢١.
(٢). غافر (٤٠) : ٧ ـ ٨.