بأنّ الله مع الصابرين ، وهذه معيّة خاصّة دون المعيّة التي يكشف عنها قوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (١) ولذلك فهذا الصبر صبر في جنب الله عن هوى النفس ومشتهاها وفي البأساء والضرّاء وعلى مصائب الدنيا ونوائبها.
قوله سبحانه : (بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ)
المخاطبة مع المؤمنين الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ، فلا يتصوّر منهم القول بالبطلان في الأموات ، فنهيهم عن القول به في خصوص المقتولين في سبيل الله ، والأمر شامل لهم ولغيرهم من الأموات ، ثمّ إثبات الحياة لهم بقوله : (بَلْ أَحْياءٌ) مع أنّ كلّ مؤمن ـ بقريحة إيمانه ، وبما جاءه من عند الله من الآيات ـ قائل بأنّ المقتولين في سبيل الله أحياء بحياة السعادة ، وأحياء بحياة الآخرة الطيّبة ، وأحياء بحياة الاسم والذكر الجميل ؛ فقوله سبحانه مع ذلك كلّه : (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) يقضي بأنّ هذه حياة خاصّة لا يشعرون بها مع ذلك كلّه ، فهي غير الجميع.
وقد بدّل سبحانه هذه اللفظة باخرى في قوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٢) وسيأتي بقيّة الكلام هناك إن شاء الله.
ويؤيّد ما ذكرنا : ما عن الباقر ـ عليهالسلام ـ قال : «أتى رجل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال :
«إنّي راغب نشيط في الجهاد ، قال : فجاهد في سبيل الله ؛ فإنّك إن تقتل كنت
__________________
(١). الحديد (٥٧) : ٤.
(٢). آل عمران (٣) : ١٦٩.