الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (١) وأمثالها كثيرة على اختلاف فنونها.
ويلحق بهذا القسم نوع آخر من الآيات ، كقوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) ، (٢) فإنّ الآية وإن دعت إلى عدم الأسى والفرح بأنّ الذي يصيبهم ما كان ليخطئهم ، والذي يخطئهم ما كان ليصيبهم ـ لاستناد الحوادث إلى قضاء مقضيّ وقدر مقدور ، فالأسى والفرح لغو لا ينبغي ـ لكن بضمّ قوله سبحانه : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ـ إلى قوله ـ : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (٣) يتمّ لحوقها بالقسم الثاني.
وكذا قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (٤) وقوله : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً* إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). (٥) ... إلى غير ذلك من الآيات ؛ فهذان القسمان مستعملان في كلامه تعالى.
وهاهنا قسم ثالث مخصوص بالقرآن ـ ولا تكاد تجده فيما نقل إلينا من الشرائع الماضية والمعارف المأثورة من الحكماء والمتألّهين ، وربّما سمّي بطريقة الإحراق ـ وهو تربية الإنسان وصفا وفعلا باستعمال علوم ومعارف لا يبقى معها موضوع للرذائل.
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٥٧.
(٢). الحديد (٥٧) : ٢٢ ـ ٢٣.
(٣). المؤمنون (٢٣) : ١ ـ ٣.
(٤). آل عمران (٣) : ١٨٥.
(٥). الكهف (١٨) : ٦ ـ ٧.