بوجه ، غير أنّ نسبتها إلى الرحمة نسبة القبول والاستعداد إلى المقبول المستعدّ له ، وبعبارة اخرى : نسبة الالتفات إلى النظر ونسبة الإشفاق إلى الإعطاء.
وإذ كانت الرحمة في القرآن ـ كما يفيده التدبّر ـ معنى عامّا ؛ وهو العطيّة المطلقة الإلهيّة من غير اختصاص في نفسها ، كما قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (١) وقال تعالى : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (٢) وإنّما تخصّصها بحسب اقتضاء الموارد ، فكلّما تضاعفت الموارد تضاعفت الرحمة ، والاقتضاء في نفسه رحمة ، والصلاة ـ من بينها ـ منه تعالى : خصوص إعطائه التهيّؤ والقبول للسعادة الخاصّة والرحمة المخصوصة ، ومن الملائكة : توسّطهم في إيصالها إلى المحلّ ، ومن المؤمنين : توسّطهم في إيصالها بالدعاء والمسألة ، وصلاتهم جميعا لله : وضعهم أنفسهم في مقام العبوديّة والمذلّة ليصلّي عليهم ربّهم ويرحمهم ، فافهم.
فالصلاة رحمة خاصّة مقيّدة. وبهذا يظهر معنى ما في بعض الأحاديث من عدّ الصلاة غير الرحمة ، مع ما في المعاني عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : «الصلاة من الله الرحمة ، (٣) ومن الملائكة التزكية ، (٤) ومن الناس دعاء». (٥)
وفي معناه عدّة روايات اخر (٦) وردت في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٧) وقوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
__________________
(١). الأعراف (٧) : ١٥٦.
(٢). الأنعام (٦) : ١٣٣.
(٣). في المصدر : «رحمة»
(٤). في المصدر : «تزكية»
(٥). معاني الأخبار : ٣٦٧.
(٦). وسائل الشيعة ٧ : ١٩٦ ، الحديث : ٩١٠٠ ؛ الاحتجاج ١ : ٤٩.
(٧). الأحزاب (٣٣) : ٥٦.