قوله سبحانه : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
حيث أطلق تعالى قوله : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) ولم يأخذ أكثر من قيد العبوديّة في جانب السائل ، كان معناه : أنّ السؤال لغرض قضاء ما على العبد من حقّ الربّ من حيث إنّه عبد ، وإن كان في الواقع لا حيثيّة له غير العبوديّة ، ثمّ أطلق تعريفه نفسه ب (فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) أفاد ذلك : أنّ العبوديّة ـ التي هي تمام ما للعبد ـ نسبة بينه وبين ربّه قائمة بين طرفين ، أحدهما الدعاء ، والآخر : الإجابة والإيتاء ، وكان أساس ذلك التعلّق به والاعتصام بحبل رحمته تعالى ؛ فلذلك فرّع على ذلك قوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) أي ليقبلوا إليّ ويوقنوا أنّي القريب المجيب على الإطلاق (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ويهتدون إلى ما عندي.
وفي تفسير العيّاشي ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في قوله : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي) : «يعلمون أنّي أقدر أن اعطيهم ما يسألوني». (١)
وفي المجمع قال : وروي عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ أنّه قال : «(وَلْيُؤْمِنُوا بِي) أي وليتحقّقوا ؛ أنّي قادر على إعطائهم ما سألوه (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) أي لعلّهم يصيبون الحقّ ؛ أي يهتدون إليه». (٢)
أقول : وقد اتّضح معنى الروايتين آنفا.
قوله سبحانه : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ) ـ إلى قوله ـ : (إِلَى اللَّيْلِ)
الرفث : هو التصريح بما يكنّى عنه لقبحه ، ولكون الجماع لا يخلو عنه غالبا
__________________
(١). تفسير العياشي ١ : ٨٣ ، الحديث : ١٩٦.
(٢). مجمع البيان ٢ : ١٨.