(وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). (١) ففرق بين أن يجاهد العبد في الله تعالى وبين أن يجاهد في سبيل الله تعالى ، فالثاني يريد سلامة السبيل ودفع العائق عنه ، والأوّل إنّما يريد وجه الله تعالى ولا يوقف نظره على سبيل دون سبيل ، بل يريده سبحانه بذلك فيمدّه الله سبحانه بالهداية إلى سبيل بعد سبيل حتّى يختصّه به جلّت عظمته.
إذا تمهّد جميع ما مرّ على طوله تبيّن معنى قوله سبحانه : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ ...)، وأنّه أمر وراء معنى العبادة غير أنّه بمنزلة روحه ، وهو الوجه في تغيير السياق من الإخبار في قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إلى الإنشاء بقوله : (اهْدِنَا)، ومن الوصل إلى الفصل ، وتبيّن أيضا معنى الروايات الواردة فيهما.
فمنها : ما في المعاني في معنى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : يعني أرشدنا إلى لزوم (٢) الطريق المؤدّي إلى محبّتك والمبلّغ إلى جنّتك (٣) والمانع من أن نتّبع أهواءنا فنعطب أو أن (٤) نأخذ بآرائنا فنهلك. (٥)
ومنها : ما فيه أيضا عن عليّ ـ عليهالسلام ـ : يعني أدم لنا توفيقك الذي أطعناك به (٦) في ماضي أيّامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا. (٧)
__________________
(١). العنكبوت (٢٩) : ٦٩.
(٢). في المصدر : «للزوم»
(٣). في المصدر : «دينك»
(٤). في المصدر : «أن»
(٥). معاني الأخبار : ٣٣ ، الحديث : ٤.
(٦). في المصدر : ـ «به»
(٧). معاني الأخبار : ٣٣ ، الحديث : ٤.