كقوله سبحانه : (ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) ، (١) وقوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) ، (٢) وقوله : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) ، (٣) وقوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) ، (٤) إي إنّ الشفاعة والولاية ملك لله حقيقة إلّا أن يملّكها من يشاء ، وقد قال تعالى حكاية عن بعض عباده : (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ)، (٥) فلا يتفاوت معنى الهداية باختلاف التعدية. ومن الممكن أن يكون التعدية إلى الثاني من قبيل قولهم : دخلت الدار.
وبالجملة ، فالهداية هي الدلالة وإراءة الغاية بإراءة الطريق ، وهي نحو إيصال إلى المطلوب ، وإنّما تكون من الله سبحانه ، وسنّته سنّة الأسباب بإيجاد سبب ينكشف به المطلوب ، ويتحقّق به الوصل بين العبد وبين المطلوب ، وقد بيّنه سبحانه بقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) ، (٦) وقوله سبحانه : (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) ، (٧) وتعدية (تَلِينُ) ب (إِلى) وهو يتعدّى باللام لتضمين معنى مثل الميل والاطمئنان ، فهو إيجاده سبحانه وصفا في القلب به يقبل ذكر الله ويميل ويطمئنّ إليه ، وكما أنّ سبله سبحانه مختلفة فكذلك الهداية تختلف باختلاف الطريق الذي تضاف إليه ، فلكلّ سبيل هداية قبله تختصّ به ، يشير إلى ذلك قوله سبحانه :
__________________
(١). السجدة (٣٢) : ٤.
(٢). المائدة (٥) : ٥٥.
(٣). يونس (١٠) : ٣.
(٤). الأنفال (٨) : ١٧.
(٥). غافر (٤٠) : ٣٨.
(٦). الأنعام (٦) : ١٢٥.
(٧). الزمر (٣٩) : ٢٣.