ونحن عيبة علمه ، ونحن تراجمة وحيه ، ونحن أركان توحيده ، ونحن موضع سرّه. (١)
أقول : وأنت بعد التأمّل فيما ذيّلنا به قوله سبحانه : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً)، (٢) تعرف معنى هذه الروايات الثلاث المفسّرة للصراط المستقيم بالإمام أو بخصوص عليّ ـ عليهالسلام ـ ، ولا تحتاج أن تحمل أمثال هذه المعارف الغالية التي حواها كلامه سبحانه على المجاز والكناية ونحوهما من تفنّنات البيان ، فقد مرّ أنّ هذه المعاني ذوات مراتب بحسب التحقّق ، فللكفر مراتب وللإيمان مراتب ، وأمّا نفس المعنى فصدقه على الجميع واحد ، وإنّما الاختلاف بحسب خصوصيّات المصاديق كما ذكره المحقّقون فقالوا : إنّ الألفاظ في تعيّنها بإزاء المعاني غير مقيّدة بما احتفّت به المصاديق من القيود ، وإنّما هي من خصوصيّات المصاديق ، فالميزان ـ مثلا ـ اسم لما يوزن به الشيء والوزن يختلف باختلاف الموزون ، فذات الكفّتين ـ مثلا ـ لوزن الأثقال ، والذرع لوزن الأطوال ، والمكيال لوزن الحجم ، والمسطرة لوزن السطر ، وكذا العروض لوزن الشعر ، والمنطق لوزن التصوّر والتصديق إلى غير ذلك.
ويدلّ على ذلك أنّا نرى عرف اللغة إذا وجد آلة جديدة تفي بغرض القديمة سمّاها باسمها من غير توقّف واعتبار علاقة ونحوها.
وأمّا أنّ هناك رجلا حاول وضع اللغة العربيّة أو غيرها ثمّ زوّج المعاني الموجودة عنده وفي عصره من ألفاظ اخترعها واقترحها بوضع شخصي ، ثمّ الحقيقة والمجاز والتراكيب لوضع نوعي وحكم بأنّ ما وراء ذلك غلط ، فدون إثباته نقلا أو عقلا خرط القتاد ، وإنّما هي تطوّرات وتحوّلات في الألفاظ
__________________
(١). معاني الأخبار : ٣٥ ، الحديث : ٥.
(٢). الرعد (١٣) : ١٧.