وفيها (١) امكن دعوى كون امتياز العلوم صورة بها (٢) نظرا الى ان غاياتها غالبا لما كان استنباط حقائق الاشياء بلوازمها كانت من سنخ واحد ولا يكون مناط فى تحديد غاية كل علم بحد مخصوص بحسب الظاهر إلّا بامتياز موضوعاتها المختلفة بنحو التباين او العموم والخصوص ـ واين ذلك (٣) بما اشرنا اليه من العلوم الادبية (٤) والنقلية (٥) حيث انها فى تمام المعاكسة مع العلوم السالفة (٦) اذ علاوة (٧) عن عدم موضوع وحدانى فيها (٨) كانت (٩) غاياتها ايضا فى كمال الامتياز بعضها عن الآخر لوضوح اختلافها سنخا كيف وحفظ الكلام عن الغلط (١٠) غير مرتبط بسنخ حفظ فعل المكلف وهكذا بمقام حفظ الاستنباط وغير ذلك ففى مثلها لا محيص من جعل امتياز امثال هذه العلوم بامتياز اغراضها لا بموضوعاتها و
______________________________________________________
(١) اى فى امثال هذه العلوم.
(٢) اى بالموضوعات.
(٣) هذا هو القسم الثانى من العلوم وهو عبارة عن مجموع قضايا مختلفة من الموضوعات والمحمولات جمعت ودوّنت لاجل غرض خاص وترتب غاية مخصوصة عليها بحيث لو لا ذلك الغرض وتلك الغاية لم تدوّن تلك المسائل ولم تجمع فهذه العلوم اوّلا ليس لشيء منها موضوع وحدانى لما مرّ من عدم امكان تصور الجامع بين تلك المسائل ـ وثانيا ان الغاية المترتبة على كل منها تمتاز عن الآخر بالتباين فيكون بعكس القسم الاول فيكون الامتياز لمثل هذه العلوم بالغاية والغرض الخاص المترتب عليها لا غير وهو العلوم التى بايدينا كما سنشير اليه.
(٤) كالنحو والصرف والبيان والمنطق.
(٥) كعلم الفقه واصول الفقه فانهما علوم نقلية ثبت بالنقل والادلة الشرعية وبناء العقلاء.
(٦) اى العلوم الحقيقية بوجهين.
(٧) الوجه الاول لا موضوع له كما مر.
(٨) اى فى العلوم الادبية والنقلية ـ ويرجع اليها ايضا ضمير غاياتها.
(٩) الوجه الثانى ان الاغراض فيها متغايرة.
(١٠) اى حفظ الكلام عن الغلط فى النحو سنخ غير مرتبط بسنخ حفظ فعل المكلف فى الفقه او حفظ الاستنباط فى الاصول او حفظ الفكر عن الخطا الذى هو الغرض فى علم المنطق وهكذا.