وأما المبدأ التاسع ( تحذير الأمة من محقرات الأعمال ) ففيه إلفاتٌ الى قاعدة مهمة في السلوك الفردي والإجتماعي ، وهي أن الإنحراف يبدأ بأمر صغير ، أو أمور تبدو بسيطة ، يحتقرها الإنسان ولا يراها مهمةً في ميزان التقوى .. وإذا بها تستتبع أموراً أخرى ، وتجره الى هاوية الهلاك الأخروي ، أو الدنيوي !
وهو أمرٌ مشاهد سواءً في حالات الهلاك الفردي أو الإجتماعي ..
فقد يتسامح المسلم في النظر الى امرأة أجنبية تعجبه ، ويتسامح في الحديث معها ، ثم في التصرف .. حتى ينجر أمره الى الفاحشة !
وقد يتسامح في اتخاذ صديق سوء ، ولا ينصت الى صوت ضميره الديني ، ونصح ناصحيه .. حتى يغرق معه في بحر ظلمه للناس ، أو بحر انحرافه ورذيلته !
وقد تتسامح الأمة في اعتداء الأجانب عليها ، أو في نفوذهم السياسي ، أو الإقتصادي أو الثقافي في بلادها .. فينجر الأمر الى تسلطهم على مقدراتها ، وسيطرتهم عليها !
أو يتسامح المجتمع في مظهر من مظاهر الفساد والمنكر أول ما يحدث في محلة أو منطقة منه ، أو في فئة من فئاته ..
أو يتسامح المجتمع في شروط حاكمه ، ووزرائه وقضاته ، أو في ظلمهم وسوء سيرتهم .. فينجر ذلك الى شمول الفساد في المجتمع ، وتسارع هلاكه !
فالمحقرات من الذنوب هي المواقف أو التصرفات الصغيرة ، التي تكون في منطق الأحداث والتاريخ بذوراً غير منظورة ، لشجرة شرٍّ كبيرة ، على المستوى الفردي أو الإجتماعي !!
وبهذا ورد تفسيرها عن النبي صلىاللهعليهوآله في مصادر الطرفين ..
ـ ففي الكافي ٢ / ٢٨٨ ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله نزل بأرض قرعاء ، فقال لأصحابه : إئتوا بحطبٍ ، فقالوا : يا رسول الله نحن بأرضٍ قرعاء ما
بها من حطب ! قال : فليأت كل إنسانٍ بما قدر عليه ، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه ، بعضه على بعض ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هكذا تجتمع الذنوب ، ثم
قال : إياكم والمحقرات