والمسألة المهمة هنا : هي هدف الرسول أن يذكِّر قريشاً والمسلمين بحادثةٍ عظيمة وقعت في هذا المكان ، قبل نحو أربع عشرة سنة من ذلك اليوم فقط ! هذه الحادثة التي تريد قريش أن تدفنها وأن ينساها الناس ، ويريد الله ورسوله أن تخلد في ذاكرة المسلمين والتاريخ ، وكلها عارٌ على قريش ، وفخرٌ للنبي صلىاللهعليهوآله وبني هاشم .. وهي صورةٌ عن جهود فراعنة قريش ، حيث استطاعوا أن يحققو إجماع قبائلهم ، ويقنعوا قبائل كنانة القريبة من الحرم بتنفيذ مقاطعة تامة على بني هاشم !!
وقد نفذوها لسنين طويلة وضيقوا عليهم اقتصادياً واجتماعياً تضييقاً تاماً ، حتى يتراجع محمد عن نبوته ، أو يسلمه بنو هاشم الى قريش ليقتلوه !!
وقد اعتبر الفراعنة يومذاك أنهم نجحوا نجاحاً كبيراً وحققوا إجماع قريش وكنانة على هذا الهدف الشيطاني ، وكان مؤتمرهم لذلك في المحصب في خيف بني كنانة حيث تقاسموا باللات والعزى على هدفهم ، وبدؤوا من اليوم الثاني بتنفيذه ، واستمر حصارهم ومقاطتهم نحو أربع سنوات الى قبيل هجرته صلىاللهعليهوآله من مكة !!
وقد تضامن بنو هاشم مع النبي صلىاللهعليهوآله مسلمهم وكافرهم وتحملوا سنوات الحصار والفقر والأذى والإهانة ، في شعب أبي طالب ، ولم يشاركهم في ذلك أحد من المسلمين .. حتى فرج الله عنهم بمعجزة !
لقد أراد النبي صلىاللهعليهوآله أن يوعي المسلمين الجدد على تاريخ الإسلام ، وتكاليف الوحي ، ليعرفوا قيمته .. ويوعيهم على معدن الإسلام ومعدن الكفر ليعرفوهما !
كما أراد أن يبعث بذلك رسالةً الى بقية الفراعنة ، الذين ما زالوا أحياء من زعماء قريش ، بأنهم قد تحملوا وزر هذا الكفر والعار ، ثم ارتكبوا بعده ما هو أعظم منه ، ولم يتراجعوا إلا عندما جمعهم في فتح مكة تحت سيوف الأنصار وسيوف بني هاشم ، فأعلنوا إسلامهم خوفاً من القتل .. وها هم اليوم يخططون لوراثة دولة الإسلام التي بناها الله تعالى ورسوله ، وهم كارهون !!
لقد
أهلك الله تعالى عدداً قليلاً من أبطال ذلك الحلف الشيطاني ، من سادة