لكن رغم وجود هذا المنطق ، فإن النصوص واعترافات بعض زعمائهم تدل على أنهم كانوا يعملون على كل الجبهات الممكنة ! وأن أكثريتهم كانوا يائسين من أن يشركهم محمد في حكم دولته ، لأنه يعمل بجدٍّ لتركيز حكم عترته من بعده ..
لذلك اتجه تفكيرهم بعد فتح مكة الى اغتيال النبي صلىاللهعليهوآله .. وسرعان ما حاولوا تنفيذ ذلك في حنين ..!!
إن فراعنة قريش كفراعنة اليهود أبناء عمهم ، فهم لا يعرفون الوفاء ، بل كأنهم إذا لم يغدروا بمن عفا عنهم وأحسن اليهم ، يصابون بالصداع !!
لقد اعلنوا إسلامهم ، وادعوا أنهم ذهبوا مع النبي صلىاللهعليهوآله ليساعدوه في حربه مع قبيلتي هوازن وغطفان ، وكان عدد جيشهم ألفين ، وعدد جيش النبي صلىاللهعليهوآله الذي فتح مكة عشرة آلاف ، وعندما التقوا بهوازن في حنين انهزموا من أول رشق سهام ، وسببوا الهزيمة في صفوف المسلمين فانهزموا جميعاً ، كما حدث في أحد !
وثبت النبي صلىاللهعليهوآله ومعه بنو هاشم فقط ، كالعادة ، وقاتلوا بشدةٍ مع مئة رجعوا اليهم مئة من الفارين حتى ردوا الحملة ، ثم رجع المسلمون الفارون .. وكتب الله النصر .
وفي أثناء هزيمة المسلمين ، قامت قريش بعدة محاولاتٍ لقتل النبي صلىاللهعليهوآله ! نكتفي منها بذكر ما نقله زعيم بني عبد الدار النضير بن الحارث ، الذي سيأتي ذكره في تفسير الآية الثالثة ! ونقله عنه محب له ولقريش ولبني أمية هو ابن كثير فقال في سيرته : ٣ / ٦٩١ :
كان النضير بن الحارث بن كلدة من أجمل الناس ، فكان يقول : الحمد لله الذي من علينا بالإسلام ، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولم نمت على ما مات عليه الآباء ، وقتل عليه الإخوة وبنو العم .
ثم ذكر عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه خرج مع قومه من قريش الى حنين ، وهم على دينهم بعد ، قال : ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه ، فلم يمكنا ذلك .