والرد الصحيح أن تهمة السحر تتنافى مع أصل النبوة ، وأنها تهمة الكفار التي برأ الله نبيه صلىاللهعليهوآله ، منها بنص القرآن ، كما تقدم .
أما ردها بآية العصمة فهو ضعيف ، لأنه قد يجاب عنه بأن آية العصمة نزلت في آخر عمره صلىاللهعليهوآله ، وقصة السحر المزعومة كانت قبلها .
وأما على تفسيرنا للآية ، فقد عرفت أن القدر المتيقن من العصمة فيها عصمته صلىاللهعليهوآله من ارتداد قريش والمسلمين في حياته ، بسبب تبليغه ولاية عترته من بعده .. فيقتصر فيها على هذا القدر المتيقن ، ما لم يقم دليل على شمولها لغيره .
وقد أكثر المفسرون والشراح السنييون من الكلام في هذا الموضوع ، وتجشموا احتمالات كثيرة .. كل ذلك بسبب تفسيرهم الخاطئ للآية وتصورهم أنها تفيد عصمته صلىاللهعليهوآله من القتل والسم والجرح والأذى .
ومن ذلك أنهم تصوروا أن الآية تعارض الرواية القائلة إن موته صلىاللهعليهوآله استند الى اللقمة التي أكلها من الشاة المسمومة التي قدمتها اليه اليهودية ، ثم أتاه جبريل عليهالسلام فأخبره فامتنع عن الأكل ، فانتقض عليه سم تلك اللقمة بعد سنة فتوفي بسببه ..
ـ قال في هامش الشفا ١ / ٣١٧ :
فإن قيل : ما الجمع بين قوله تعالى ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) وبين هذا الحديث المقتضي لعدم العصمة ، لأن موته عليهالسلام بالسم الصادر من اليهودية ؟
والجواب : أن الآية نزلت عام تبوك ، والسم كان بخيبر قبل ذلك .
* *
ومن ذلك ما تحيروا فيه من أن النبي صلىاللهعليهوآله قد تمنى القتل في سبيل الله تعالى ، مع أنه الآية تدل على عصمته من القتل ، فهل يجوز أن يتمنى النبي شيئاً وهو يعلم أنه لا يكون ؟! قال في فتح الباري في شرح البخاري : ٨ / ٢٦٤٤ : عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلىاللهعليهوآله يقول .. والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ....