فأنزل الله : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ .. الى آخر الآية ، فكأن عمر لم يفهم ! فقال لحفصة : إذا رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب نفس ، فاسأليه عنها فقال : أبوك ذكر لك هذا ؟ ما أرى أباك يعلمها أبداً !!
فكان يقول : ما أراني أعلمها أبداً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال !! وذكر في مصدره أن ابن راهويه أو ابن مردويه صححه .
ـ بل روى السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٢٤٩ أن النبي صلىاللهعليهوآله قد كتبها لعمر في كتف ! قال : وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن مردويه عن طاوس ، أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلالة ، فسألته فأملاها عليها في كتف ، وقال : من أمرك بهذا أعمر ؟ ما أراه يقيمها ، أو ما تكفيه آية الصيف ؟!!
قال سفيان : وآية الصيف التي في النساء : وإن كان رجلٌ يورث كلالةً أو امرأةٌ ... فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نزلت الآية التي في خاتمة النساء . انتهى .
فانظر الى هذه التناقضات في أحاديث عمر والكلالة ، وكلها صحيحة !
ولاحظ أن الكلالة هي إحدى المسائل الثلاث التي قال البخاري إن النبي صلىاللهعليهوآله لم يبينها للأمة ، ولا سأل عمر النبي عنها .. مع أن روايتهم الصحيحة تقول إن النبي صلىاللهعليهوآله قد كتب الكلالة لعمر في كتف !
وأما المسألة الثانية التي هي الخلافة ، فقد روى البخاري نفسه أيضاً أن النبي صلىاللهعليهوآله دعا بدواة وكتف ليكتب للأمة الإسلامية كتاباً لا تضل بعده أبداً ، ولكن عمر أبى ذلك ..
وأما المسألة الثالثة ، وهي أبواب الربا ، فيستحيل أن لا يكون النبي صلىاللهعليهوآله قد بينها وشرحها للمسلمين أيضاً ، وقد يكون كتبها لعمر أو غيره في كتف أيضاً !!
دلالة هاتين القصتين
تدل هاتان القصتان على أن صحاح إخواننا فيها متناقضاتٌ لا يمكن لباحثٍ أن يقبلها جميعاً ، بل لا بد له أن يرجح بعضها ويرد بعضها .