فما هي الحكمة من هذا السياق ؟ وهل كان هذا موضعها الأصلي من القرآن ، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة ؟!
نحن لا نقبل القول بوقوع تحريف في كتاب الله تعالى ، معاذ الله ، لكن نتساءل عسى أن يعرف أحد الجواب : ما هو ربط آية إكمال الدين باللحوم المحرمة ؟
ألا يحتمل أن تكون بالأساس في خاتمة سورة المائدة مثلاً ، ولم يلتفت الى ذلك الذين جمعوا القرآن ، فوضعوها هنا .
ثم .. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم ، ولكن كيف يمكن أن ينزلها الله تعالى في وسط أحكام اللحوم ! فإذا قال الله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، فقد تمت الأحكام ، فكيف يقول بعدها مباشرة : فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ؟! ثم يقول بعدها مباشرة : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ، قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم ... الى آخر أحكام الدين الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات : إنه قد أكمله وأتمه ؟!!
ـ قال في الدر المنثور : ٢ / ٢٥٩ :
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ قال : هذا نزل يوم عرفة ، فلم ينزل بعدها حرامٌ ولا حلالٌ . انتهى .
ـ وقال في : ٢ / ٢٥٧
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس .... فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، يقول حلالكم وحرامكم ، فلم ينزل بعد هذا حلالٌ ولا حرامٌ . انتهى .
والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة ، وقد مر بعضها ، ولا تحتاج الى استقصائها بعد أن كان ذلك يفهم من الآية نفسها .. ويؤيده ما ذكره اللغويون في معنى الكمال والتمام