وموقف السيوطي هو الموقف العام للعلماء السنيين .. ولكنه لا يعني أنهم يضعفون حديث الغدير كما تقدم ، بل يقولون إن حديث الغدير صحيحٌ ، ولكن الآية نزلت قبل ذلك اليوم ، تمسكاً بقول الخليفة عمر الذي روته صحاحهم ، حتى لو خالفه حديثٌ صحيحٌ ، وحتى لو خالفه الحساب والتاريخ !
ومن المتعصبين لرأي عمر المذكور : ابن كثير ، وهذه خلاصة من تفسيره : ٢ / ١٤ :
قال أسباط عن السدي : نزلت هذه الآية يوم عرفة ، ولم ينزل بعدها حلالٌ ولا حرامٌ . وقال ابن جرير وغير واحد : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوماً ، رواهما ابن جرير .
ثم ذكر ابن كثير رواية مسلم وأحمد والنسائي والترمذي المتقدمة وقال :
قال سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ الآية .
وشك سفيان رحمهالله إن كان في الرواية فهو تورُّعٌ ، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا ، وإن كان شكاً في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما إخاله يصدر عن الثوري رحمهالله فإن هذا أمر معلومٌ مقطوعٌ به ، لم يختلف فيه أحدٌ من أصحاب المغازي والسير ولا من الفقهاء ، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة ، لا يشك في صحتها ، والله أعلم . وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر .
وقال ابن جرير ... عن قبيصة يعني ابن أبي ذئب قال : قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه !!
فقال عمر : أي آيةٍ يا كعب ؟
فقال : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .
فقال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه ، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيدٌ .... ( ورواه في مختصر تاريخ دمشق ٢ جزء ٤ / ٣٠٩ )