وعلى هذا ، فإن عنصر التوقيت والتاريخ حاسمٌ في المسألة ، وهو الذي يجب أن يكون مرجحاً للرأي الصحيح من الرأيين المتعارضين .
وعنصر التوقيت هنا يرجح قول أهل البيت عليهمالسلام والروايات السنية الموافقة لهم ، مضافاً الى المرجحات الأخرى المنطقية ، التي تنضم اليه كما يلي :
أولاً : أن التعارض هنا ليس بين حديثين أحدهما أصح سنداً وأكثر طرقاً كما توهموا .. بل هو تعارض بين حديث عن النبي صلىاللهعليهوآله وبين قولٍ للخليفة عمر .
فإن الأحاديث التي ضعفوها هي أحاديث نبوية مسندة ، بينما أحاديث البخاري وغيره هي قول لعمر ، لم يسنده الى النبي صلىاللهعليهوآله !
فالباحث السني لا يكفيه أن يستدل بقول عمر في سبب نزول القرآن ، ويردَّ به الحديث النبوي المتضمن سبب النزول ، بل لا بد له أن يبحث في سند الحديث ونصه ، فإن صح عنده فعليه أن يأخذ به ويترك قول عمر .. وإن لم يصح رجع الى أقوال الصحابة المتعارضة ، وجمع بين الموثوق منها إن أمكن الجمع ، وإلا رجح بعضها وأخذ به ، وترك الباقي .. ولكنهم لم يفعلوا ذلك مع الأسف !
ثانياً : لو تنزلنا وقلنا إن أحاديث أهل البيت عليهمالسلام في سبب نزول الآية والأحاديث السنية المؤيدة لها ليست أكثر من رأي لأهل البيت ومن أيدهم في ذلك ، وأن التعارض يصير بين قولين لصحابيين في سبب النزول ، أو بين قول صحابي وقول بعض أئمة أهل البيت عليهمالسلام .
فنقول : إن النبي صلىاللهعليهوآله أوصى أمته بأخذ الدين من أهل بيته عليهمالسلام ولم يوصها بأخذه من أصحابه .. وذلك في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع ، وهو كما في مسند أحمد : ٣ / ١٤ : عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني تاركٌ فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض . انتهى .