أنه يوم الجمعة لحديث أنس ، فتعين على هذا أنه عليهالسلام خرج من المدينة يوم السبت ، وظن الراوي أن الشهر يكون تاماً فاتفق في تلك السنة نقصانه ، فانسلخ يوم الأربعاء واستهل شهر ذي الحجة ليلة الخميس . ويؤيده ما وقع في رواية جابر : لخمس بقين أو أربع .
وهذا التقريب على هذا التقدير لا محيد عنه ولا بد منه . والله أعلم . انتهى .
ويظهر من كلام ابن كثير عدم اطمئنانه بهذه التقديرات ، لأنه رأى تشكيك الخليفة عمر نفسه ، وتشكيك سفيان الثوري الذي رواه البخاري ، وتشكيك النسائي . وجزم ابن حزم بأن سفره صلىاللهعليهوآله كان يوم الخميس .
ونلاحظ أن ابن كثير استدل على أن خروج النبي صلىاللهعليهوآله يوم الخميس بالمصادرة على المطلوب فقال ( لما ثبت بالتواتر والإجماع من أنه عليهالسلام وقف بعرفة يوم الجمعة ) فأي تواترٍ وإجماعٍ يقصد ، وما زال في أول البحث ؟!
كما أنه استدل على أن سفر النبي صلىاللهعليهوآله لم يبدأ من المدينة يوم الجمعة برواية أنس أن النبي صلى الظهر والعصر ولم يصل الجمعة ، وهو استدلالٌ يرد نفسه ويؤيد قول أهل البيت عليهمالسلام بأن بدء سفره كان الخميس لأربعٍ بقين من ذي القعدة !
وتقدمت الرواية عندنا أنه عليهمالسلام صلى الظهر والعصر في ذي الحليفة .
ولو صحت رواية أنس بأنه صلى الظهر في مسجده في المدينة ، ثم صلى العصر في ذي الحليفة ، فلا ينافي ذلك أن يكون سفره الخميس ، بل يكون معناه أنه أحرم بعد العصر من ذي الحليفة ، وواصل سفره صلىاللهعليهوآله .
* *
والنتيجة : أن القول بنزول آية إكمال الدين في يوم عرفة ، يرد عليه إشكالاتٌ عديدةٌ ، سواء في منطقه ، أم في تاريخه وتوقيته .. تستوجب من الباحث المنصف أن يتوقف ولا يأخذ به .