ولكن رواية مسلم تقول : كلا لم تحل المشكلة ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله أخبر عنهم إخباراً مجملاً ! ولم يخبر المسلمين عن هويتهم وأسمائهم ؟ ولم يسأله أحدٌ من عشرات الألوف الذين أخبرهم بهذا الموضوع الخطير : من هم يا رسول الله ؟!
ويا ليت أحدهم سأله فحددهم ، حتى تسلم قريش لهم الأمر بلا منازع ؟!
يقول مسلم كما قال البخاري : كلا ، كلا .. إنهم فقط أناسٌ ربانيون ، يعز الله بهم الإسلام .. وهم من قريش .. من قريش !!
* *
وهكذا لا يمكنك أن تصل من البخاري ومسلم الى نتيجة مقنعة في أمر هؤلاء الأئمة الإثني عشر .. فقد أقفل الشيخان عليك الأبواب ، وقالا لك مقولة قريش : إن نبيك تحدث في حجة الوداع عن رائحة الأئمة الإثني عشر فقط ، فشمها واسكت !
ولكنك لا تعدم الكشف عن عناصر مفيدة من مصادر قرشية أخرى ، أقل مراعاة من البخاري ومسلم للسياسة وأهلها ، أو أن ظروف أصحابها أحسن من ظروفهما !
فقد روى أحمد في مسنده : ٥ / ٩٢ ، عن نفس الراوي جابر السوائي قال : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون ( بعدي ) ...
وروى في نفس الصفحة عن نفس الراوي جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون بعدي اثنا عشر خليفة ، كلهم من قريش . قال ثم رجع الى منزله ، فأتته قريش فقالوا : ثم يكون ماذا ؟ قال : ثم يكون الهرج . انتهى .
ففي الروايتين كلمة ( بعدي ) والمفهوم منها أنهم يكونون بعده مباشرة ، والثانية تكشف عن اهتمام قريش بالموضوع ، وسؤالهم عن هؤلاء الأئمة الربانيين ، وأن القصة في المدينة ، لا في حجة الوداع ، فاحفظ ذلك لما يأتي !
وقد وردت كلمة بعدي ، ومن بعدي ، في عدد من روايات الحديث ، منها ما رواه أحمد أيضاً في : ٥ / ٩٤ ، عن نفس الرواي ( يكون بعدي اثنا عشر أميراً ، ثم لا أدري ما قال بعد ذلك ، فسألت القوم .. )