ورواية تفسيرهم عن ابن عباس ومجاهد لا تحل المشكلة ، خاصةً إذا كانت من راويه عكرمة المجروح عندنا وعندهم .
ويرد على تفسيرهم أيضاً : أن من المتفق عليه عندهم تقريباً أن السؤال في الآية حقيقي وليس مجازياً ، فقد حدث أن سأل النضر بن الحارث بالعذاب ، وطلب نزوله فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم . فعذبه الله في بدرٍ بالقتل .
مع أن آية مطر الحجارة من سورة الأنفال التي نزلت مع أحكام الأنفال ، بعد بدر وبعد قتل النضر .. ومن البعيد أن يكون جواب قول النضر نزل في سورة مكية قبل الهجرة ، ونفس قوله نزل في سورة مدنية ، بعد هلاكه .
ويرد عليه أيضاً : أن قولهم ( اللهم إن كان هذا هوالحق من عندك فأنزل علينا حجارة من السماء ) أكثر تناسباً وانطباقاً على تفسيرنا ، وأصعب انطباقاً على تفسيرهم .. لأن معناه على تفسيرهم : اللهم إن كان هذا الدين منزلاً من عندك فأمطر علينا حجارة . ومعناه على تفسيرنا : اللهم إن الحكم لآل محمد صلىاللهعليهوآله من بعده منزلاً من عندك ، فأمطر علينا حجارة .. وهذا أكثر تناسباً ، لأن الدعاء بحجارة من السماء لا يقوله قائله إلا في حالة اليأس من التعايش مع وضع سياسي جديد ، يتحدى وضعه القبلي المتجذر في صميمه !!
ويرد عليه أيضاً : أنه لو صح ، فهو لا يمنع من تفسيرنا ، فلا وجه لافتراضهم التعارض بينهما .. فأي تعارض بين أن يكون العذاب الواقع هو العذاب الذي وقع على النضر بن الحارث في بدر ، ثم وقع على ولده جابر بن النضر ، كما في رواية أبي عبيد ، ثم وقع ويقع لى آخرين من مستحقيه !
وينبغي
أن نشير هنا الى قاعدة مهمة في تفسير القرآن والنصوص عامة ، وهي : ضرورة المحافظة على إطلاقات النص ما أمكن وعدم تضييقها وتقييدها .. فالآية الكريمة تقول إن أحدهم تحدى وتساءل عن العذاب الموعود ، الذي أنذر به