يا محمد ، إنا قد بعثنا اليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة ، وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة ، فما بقي أمرٌ قبيحٌ إلا قد جئته فيما بيننا وبينك ـ أو كما قالوا ـ فان كنت إنما جئت بهذا الحديت تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا ، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه قد غلب عليك ـ وكانوا يسمون التابع من الجن رئياً ـ فربما كان ذلك بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه ، أو نعذر فيك ! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ما بي ما تقولون ، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ، ولا الشرف فيكم ، ولا الملك عليكم ، ولكن الله بعثني اليكم رسولاً ، وأنزل علي كتاباً ، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً ، فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم ، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر الله ، حتى يحكم الله بيني وبينكم ... الى آخر مناظرتهم .
ـ وقال ابن هشام : ٢ / ٣٣١
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة ... وقد اجتمع فيها أشراف قريش : من بني عبد شمس : عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب . ومن بني نوفل بن عبد مناف : طعيمة بن عدي ، وجبير ابن مطعم ، والحارث بن عامر بن نوفل . ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر ابن الحارث بن كلدة ... الخ .
فقال أبو جهل بن هشام : والله إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعد .
قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟
قال : أرى
أن نأخذ من كان قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ، ثم نعطي كل