وسلم ، قتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة ، عند منصرفه من بدر ، فقالت قتيلة بنت النضر ترثي أباها ، وتمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا راكباً إن الأثيل مظنةٌ |
|
من صبحِ خامسةٍ ، وأنت موفقُ |
بلغ به ميتاً ، فإن تحيةً |
|
من إن تزال بها الركائب تخفق |
مني اليه ، وعبرةً مسفوحةً |
|
جادت لمائحها وأخرى تخنق |
فليسمعن النضر ، إن ناديته |
|
إن كان يسمع ميت أو ينطق |
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه |
|
لله أرحام هناك تشقق ! |
أمحمد ! ولإنت ضنء نجيبة |
|
في قومها ، والفحل فحل معرق |
لو كنت قابل فدية ، فلنأتيـ |
|
ـن بأعزما يغلو لديك وينفق |
ما كان ضرك لو مننت وربما |
|
منَّ الفتى ، وهو المغيظ المحنق |
والنضر أقرب من أصبت وسيلةً |
|
وأحقهم ، إن كان عتق يعتق |
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم شعرها رق لها ، وقال : لو سمعت شعرها قبل قتله لوهبته لها . انتهى .
ومن الثابت عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه كان أكره الناس للقتل ، وأنه لم يقتل أحداً إلا عند اللزوم والضرورة .. وحسبك أن جميع القتلى في جميع حروبه صلىاللهعليهوآله ومن أقام عليهم الحد الشرعي لا يبلغون سبع مئة شخص ، وبذلك كانت حركته العظيمة صلىاللهعليهوآله أعظم حركة في نتائجها ، وأقل حركة في كلفتها !
لهذا لا يبعد أن يكون قتله للنضر تم بأمر الله تعالى ، لأنه جرثومة شرٍ وفساد ! وكذلك صديق النضر وشريكه في الشر ، عقبة بن معيط الأموي ، وكان صاحب خمارة ومبغى في مكة ، وكان معروفاً بإلحاده .
وإذا صح ما قاله صلىاللهعليهوآله لبنت النضر الشاعرة ، فلا ينافي أن قتله لأبيها كان بأمر الله تعالى ، لأن معناها أنه صلىاللهعليهوآله لو سمع هذا الشعر منها وما فيه من قيم واستعطاف ، قبل أن يقتله ، لطلب من ربه عز وجل أن يأذن له بأن يهب هذا الفرعون لابنته ، ويكفي المسلمين شره ، كما أمكنهم منه فأسروه .