الثانية : أنهم يحكمون بعد النبي صلىاللهعليهوآله وأنهم من قريش ، وأن الإسلام لا يزال عزيزاً مدة حكمهم ، ثم يضعف ويذل ، أو ينهار . وهي صيغة عدد من روايات جابر بن سمرة ، وكل روايات أبي جحيفة أيضاً . وقد صححها كثير من علمائهم ، ومنهم الألباني في سلسلته أيضاً برقم ٣٧٦ ، عن ابن سمرة ، وحسن رواية أبي جحيفة ، وجعل رواية ابن مسعود شاهداً على صحتهما ، ورد زيادة أبي داود وغيره التي تصف هؤلاء الأئمة بأن الأمة تجتمع عليهم ، ووصف هذه الزيادة بأنها منكرة .
الثالثة : أنهم يكونون بعد النبي صلىاللهعليهوآله كأوصياء موسى وعيسى عليهمالسلام بدون ذكر قريش . وهي صيغة أكثر روايات حديث ابن مسعود .
وأهم ملاحظة على هذه الأحاديث وصيغها : تفاوتها واضطرابها ، وهو أمر غير مقبول في حديث من هذا النوع .. فإنا لو وجدنا نصاً شبيهاً به يروونه عن شيخ قبيلة صغيرة ، قاله لقبيلته وهو يودعها قبل موته ، ويخبرها بفراسته عن شيوخها الذين سيحكمونها من بعده .. لقلنا بوقوع تحريفٍ في كلامه !
فكيف نقبل بذلك لسيد الأنبياء صلىاللهعليهوآله وسيد البلغاء ، وهو يودع خاتمة الأمم ، ويخبرها عن ربه بأئمتها من بعده ، وعلى أوسع ملأٍ من جماهيرها !!
وتتوجه التهمة بالدرجة الأولى الى احتمال تحريف هوية هؤلاء الأئمة ، والمتهم به هو السلطة التي حكمت بعد النبي صلىاللهعليهوآله لأنها هي المستفيدة من ذلك ، وهي التي أبعدت أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله عن الحكم ، بل بادرت الى بيعة السقيفة بدون أن تخبرهم ، مغتنمةً انشغالهم بجنازة النبي صلىاللهعليهوآله !!
ويتأكد الشك عندما نجد أن التفاوت والتعارض ، قد تركز على صفة هؤلاء الأئمة الموعودين ، ومقامهم الالهي ، وهويتهم ، ونسبهم ، ووقتهم ، ومدتهم !
وهو تعارض ليس قليلاً قابلاً للحل ، لأنه موجودٌ حتى في الصيغ والألفاظ المنقولة عن الراوي الواحد !