تكون الجملة في محل الغاية لما سبقها وهو قوله ( مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ) و ( زُلْزِلُوا ) ولعل القراءة الاَُولى أفضل لبعد كون الجملة غاية لمس البأساء والضراء والزلزال.
وقد تبين ممّا ذكرنا انّ المثل بمعنى التمثيل والتشبيه ، فتشبيه حال الأمة الإسلامية بالأمم السابقة في أنّهم يعمّهم البأساء والضراء والزلزال ، فإذا قرب نفاد طاقاتهم وصمودهم في المعارك يدعو الرسول ومن معه من المؤمنين لهم بالنصر والغلبة والنجاح.
ثمّ إنّ بعض الكتّاب ممن كتب في أمثال القرآن جعل الآيات الثلاث التالية من الأمثال القرآنية (١).
أ : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ المُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٢).
ب : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣).
__________________
(١) الدكتور محمد حسين علي الصغير : الصورة الفنية في المثل القرآني : ١٤٤؛ والدكتور إسماعيل إسماعيلي : تفسير أمثال القرآن : ١٩١.
(٢) البقرة : ٢٥٨.
(٣) البقرة : ٢٥٩.