على استدلال ابن الزبعرىٰ.
أوّلاً : انّهم ما أرادوا بهذا التمثيل إلاّ المجادلة والمغالبة لا لطلب الحق ، وذلك لأنّ طبعهم على اللجاج والعناد ، يقول سبحانه : ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).
وثانياً : انّهم ما تمسكوا بهذا المثل إلاّ جدلاً وهم يعلمون بطلان دليلهم ، إذ ليس كلّ معبود حصب جهنم ، بل المعبود الذي دعا الناس إلى عبادته كفرعون لا كالمسيح الذي كان عابداً لله رافضاً للشرك ، فاستدلالهم كان مبنياً على الجدل وإنكار الحقيقة ، وهذا هو المراد من قوله : ( مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ).
ولذلك بدأ سبحانه يشرح موقف المسيح وعبادته وتقواه وانّه كان آية من آيات الله سبحانه ، وقال : ( إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) ، أي آية من آيات الله لبني إسرائيل ، فولادته كانت معجزة ، وكلامه في المهد معجزة ثانية وإحياؤه الموتىٰ معجزة ثالثة ، فلم يكن يدعو قطُّ إلى عبادة نفسه.
ثمّ إنّه سبحانه من أجل تحجيم شبهة حاجته إلى عبادة الناس ، يقول : ( وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) أي يطيعون الله ويعبدونه ، فليس الإصرار على عبادتكم وتوحيدكم إلاّ طلباً لسعادتكم لا لتلبية حاجة الله ، وإلاّ ففي وسعه سبحانه أن يخلقكم ملائكة خاضعين لأمره.
ثمّ إنّه سبحانه يشير إلى خصيصة من خصائص المسيح ، وهي انّ نزوله من السماء في آخر الزمان آية اقتراب الساعة.