إلى هنا تم تفسير الآية ، وأمّا التمثيل فقد تبين ممّا سبق حيث شبهوا آلهتهم بالمسيح ورضوا بأن تكون مع المسيح في مكان واحد وإن كان هو النار. فالذي يصلح لأن يكون مثلاً إنّما هو قوله : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً ) وقد عرفت انّ الضارب هو ابن الزبعرىٰ ، وأمّا قوله : ( وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ) فالمثل فيه بمعنى الآية.
إيقاظ :
ربما عُدّت الآية التالية من الأمثال القرآنية : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَٰلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ) (١) والظاهر انّ المثل في الآية بمعنى الوصف لا بمعنى التمثيل المصطلح ، أي تشبيه شيء بشيء ويعلم ذلك من خلال تفسير الآيات.
تفسير الآيات
« بال » البال : الحال التي يكترث بها ، ولذلك يقال : ما باليت بكذا بالةً أي ما اكترثت به ، قال : ( كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) ، وقال : ( فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَىٰ ) أي حالهم وخبرهم ، ويعبَّر بالبال عن الحال الذي ينطوي عليه الإنسان ، فيقال خطر كذا ببالي (٢).
__________________
(١) محمد : ٢ ـ ٣.
(٢) مفردات الراغب : ٦٧ مادة بال.