وخصّهم بغنائمها (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ) وهو وعده بغنائم «خيبر» لأهل «الحديبية» خاصة ، وقرأ «حمزة» و «الكسائي» «كلم الله» جمع كلمة (١) (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) قبل عودنا من «الحديبية» (فَسَيَقُولُونَ) ردا لذلك (بَلْ تَحْسُدُونَنا) ان نشارككم في الغنيمة ، فردّ الله ردّهم بقوله : (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) لا يفقهون إلّا فهما قليلا وهو فقههم لأمور الدّنيا دون الدّين.
[١٦] ـ (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) المذكورين (سَتُدْعَوْنَ) سيدعوكم الرسول فيما بعد (إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) من المشركين ك «هوازن» و «ثقيف» وغيرهم لقوله : (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي يكون أحد الأمرين لا غير ، ويعضده قراءة «أو يسلموا» (٢) إذ غيرهم يقاتل أو يسلم أو يعطي الجزية.
واحتج بها لإمامة «ابي بكر» بجعل الدّاعي غير الرّسول بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم لقوله : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً) (٣) وقد دعاهم «أبو بكر» بعده الى قتال بني «حنيفة» و «فارس» و «الروم».
وردّ بأن قوله (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ) من التّوبة في المتخلّفين عن «تبوك» سنة تسع ، وهذه في المتخلّفين عن «الحديبية» سنة ستّ ، مع اختلاف أوصاف الجماعتين واحكامهما المذكورة في السّورتين ، على انّه لا يجوز الحمل على «بني حنيفة» لأنّهم كانوا مسلمين ، وانّما منعوا الزّكاة لتأويلهم آيتها (٤) باختصاصها بالرّسول ولم يخرجوا بذلك عن الإسلام ، وان أرادوا بهم «مسيلمة» وقومه ، فالرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جاهدهم بالكتب وانفذ جماعة لقتلهم غيلة واستنفر عليهم
__________________
(١) حجة القراءات : ٦٧٣.
(٢) نقله البيضاوي في تفسيره ٤ : ١٥٣.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٨٣.
(٤) اي آية الزكاة وهي قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ...) إلخ.