حقيقيا وهو ما واطأ القلب فيه اللسان (وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) انقدنا ودخلنا في السّلم بإظهار الشهادتين (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) حال من واو «قولوا» أي ولم تواطئ قلوبكم ألسنتكم بعد ، وهو يؤكد النفي السابق (وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) بالإخلاص (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ) لا ينقصكم من ثوابها (شَيْئاً) وقرأ «أبو عمرو» «لا يألتكم» بهمزة وبقلبها الفا أيضا (١) (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن أخلص له.
[١٥] ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) على الحقيقة (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) لم يشكّوا فيما آمنوا به ، و «ثم» تفيد اشتراط الإيمان بالاستمرار على عدم الارتياب (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) في دينه (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) في ادّعاء الإيمان ، لا من ادّعوه ولم يكونوا كذلك.
[١٦] ـ (قُلْ) ـ توبيخا لهم ـ : (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) أتخبرونه بعقيدتكم في قولكم آمنّا (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فكيف تعلّمونه وهو عالم بكل خافية.
قيل : نزلت لما سمعوا الآية المتقدّمة فأتوه وحلفوا انّهم مؤمنون (٢).
[١٧] ـ (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أي بإسلامهم ، إذ قالوا أسلمنا من غير قتال بخلاف غيرنا (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) نصب بنزع الباء (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ) بأن (هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) الّذي ادعيتموه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في ادّعائه ، وجوابه مقدّر دلّ عليه ما قبله أي فلله المنّة عليكم.
[١٨] ـ (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ما غاب فيهما (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) لا يخفى عليه شيء منه ، وقرأ «ابن كثير» بالياء (٣).
__________________
(١) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٢٨٤.
(٢) تفسير البيضاوي ٤ : ١٦٠.
(٣) حجة القراءات : ٦٧٧.