والتخصيص بهذا العدد لحكمة لا تبلغها عقول البشر إلا من علّمه الله.
قيل : لمّا نزلت قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم امّهاتكم أيعجز كلّ عشرة منكم ان يبطشوا برجل منهم؟ فقال بعضهم : أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين ، فنزل (١).
[٣١] ـ (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) فلا يطاقون لشدّتهم ولا يرحمون لعدم مجانستهم لكم (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) إلّا محنة لهم ليظهر كفرهم باعتراضهم لم كانوا تسعة عشرا؟ و «إلا» تشديد تعبّد لهم ليستدلّوا به على كمال قدرتنا أو إلّا عدّة تقتضي فتنتهم وهي استهزاؤهم بها استقلالا لها فعبّر بالأثر عن المؤثر اشعارا بلزومه له (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) نبوّة «محمّد» صلىاللهعليهوآلهوسلم لإخباره بما يوافق ما في كتابهم من عدّتهم.
واللام فيه وفيما بعده للعاقبة (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) بالإيمان به (وَلا يَرْتابَ) فيه (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) تأكيد للاستيقان وازدياد الإيمان (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) نفاق ممّن سيحدثون بالمدينة فهو اخبار بالغيب (وَالْكافِرُونَ) علانية بمكّة (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا) العدد (مَثَلاً) سمّوه به استغرابا له (كَذلِكَ) الإضلال أي الخذلان لمنكر هذا العدد والهدى ، أي اللطف بمصدّقه (يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ) يخذله لعدم نفع اللطف فيه ، (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بلطفه لانتفاعه به (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ) في قوّتهم وكثرتهم (إِلَّا هُوَ) فلا يعزّ عليه ان يزيد عدد الخزنة لكن له فيه حكمة ، اختصّ بها.
أو أريد انّ لكلّ من التّسعة عشر أعوانا لا يحصيهم إلّا هو (وَما هِيَ) أي سقر أو السّورة (إِلَّا ذِكْرى) تذكرة (لِلْبَشَرِ).
[٣٢] ـ (كَلَّا) ردع لمنكريها أو لمن زعم مقاومة خزنتها أو بمعنى حقّا تأكيد
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٣٨٨.