المؤمنين ، حيث يتبيّن لهم وجه الحقيقة واضحاً وبدون حجاب ، وفي ظلّ الإيمان والتقوى هذين سيكون للإنسان وعي وبصيرة حرم غير المؤمنين منها ، لأنّ أكبر حاجز عن المعرفة وأهمّ مانع لها هو الحجاب الذي يغطّي قلب الإنسان ، والذي هو هوى النفس والنزعات الذاتية والأماني الفارغة ، والآمال البعيدة ، والوقوع في أسر المادة ومغريات الدنيا ، حيث لا تسمح للإنسان أن يرى الحقائق بصورتها الطبيعية ، وبالتالي فإنّ الحكم على الأشياء يكون بعيداً في منطق العقل والصواب.
إلّا أنّ إستقرار الإيمان والتقوى في القلوب يبدّد هذه الحجب ويزيل عتمتها وظلامها عن صفحة القلب.
وفي الآية اللاحقة ـ والتي هي آخر آيات هذه السورة ـ بيان ودليل لما جاء في الآية الآنفة الذكر حيث يقول تعالى : (لِّئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْءٍ مّن فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
إنّه جواب لهؤلاء الكتابيين الذين زعم قسم منهم : أنّ لهم أجراً واحداً كبقية المسلمين حينما رفضوا الإيمان بالرسول صلىاللهعليهوآله وأمّا الذين آمنوا بالرسول منهم فلهم أجران : أجر الإيمان بالرسل السابقين ، وأجر الإيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، حيث يجيبهم القرآن ويردّ عليهم بأنّ المقصود بالآية هم المسلمون.
فهؤلاء هم الذين لهم أجران ، لأنّهم آمنوا جميعاً برسول الله بالإضافة إلى إيمانهم بكل الأنبياء السابقين ، أمّا أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا برسول الله فليس لهم أي نصيب أو سهم من الأجر ، ذلك ليعلموا أنّ الرحمة الإلهية ليست في اختيارهم حتى يهبوا ما يشاؤون منها وفق مشتهياتهم ، ويمنعوها عن الآخرين.
|
نهاية تفسير سورة الحديد |
* * *