كتبهم العقائدية من قرب ظهور نبي في أرض المدينة ، حيث كانوا بإنتظار هذا الظهور العظيم.
وعندما هاجر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى المدينة عقد معهم حلفاً بعدم تعرّض كل منهما للآخر ، إلّاأنّهم كلّما وجدوا فرصة مناسبة لم يألوا جهداً في نقض العهد.
ومن جملة ذلك أنّهم نقضوا العهد بعد غزوة احد ، التي وقعت في السنة الثالثة للهجرة.
فقد ذهب كعب بن الأشرف زعيم قبيلة بني النضير مع أربعين فارساً إلى مكة ، وهنالك عقد مع قريش حلفاً لقتال محمّد صلىاللهعليهوآله ، وجاء أبو سفيان مع أربعين شخصاً ، وكعب بن الأشرف مع أربعين نفراً من اليهود ، ودخلا معاً إلى المسجد الحرام ووثقوا العهد في حرم الكعبة ، فعلم النبي صلىاللهعليهوآله بذلك عن طريق الوحي.
والمؤامرة الاخرى هي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله دخل يوماً مع شيوخ الصحابة وكبارهم إلى حي بني النضير ، وذلك بحجّة إستقراض مبلغ من المال منهم كديّة لقتيلين من طائفة بني عامر ، قتلهما (عمرو بن اميّة) أحد المسلمين ، وربّما كان الهدف من ذلك هو معرفة أخبار اليهود عن قرب حتى لا يباغت المسلمون بذلك.
فبينما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتحدث مع كعب بن الأشرف إذ حيكت مؤامرة يهودية لإغتيال رسول الله وتنادى القوم : إنّكم لا تحصلون على هذا الرجل بمثل هذه الحالة وهاهو قد جلس بالقرب من حائطكم ، فليذهب أحدكم إلى السطح ويرميه بحجر عظيم ويريحنا منه ، فقام عمرو بن جحاش وأبدى إستعداده لتنفيذ الأمر ، وذهب إلى السطح لتنفيذ عمله الإجرامي ، إلّاأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله علم عن طريق الوحي بذلك ، فقفل راجعاً إلى المدينة دون أن يتحدث بحديث مع أصحابه ، إلّاأنّ الصحابة تصوروا أنّ الرسول سيعود مرّة اخرى ، ولمّا عرفوا فيما بعد أنّ الرسول في المدينة عاد الصحابة إليها أيضاً.
وهنا أصبح من المسلّم لدى رسول الله صلىاللهعليهوآله نقض اليهود للعهد ، فأعطى أمراً للإستعداد والتهيّؤ لقتالهم.
وجاء في بعض الروايات أيضاً أنّ أحد شعراء بنو النضير هجا رسول الله صلىاللهعليهوآله بشعر يتضمّن مسّاً بكرامة الرسول وهذا دليل آخر لنقضهم العهد.
وبدأت خطّة المسلمين في مواجهة اليهود وكانت الخطوة الاولى أن أمر رسول الله (محمّد بن سلمة) أن يقتل كعب بن الأشرف زعيم اليهود ، إذ كانت له به معرفة ، وقد نفّذ هذا العمل بعد مقدمات وقتله.