هذه الأموال إلى أصحابها الحقيقيين (وهم المؤمنون) يسمّى (فيئاً) في الحقيقة.
أوجفتم : من مادة إيجاف بمعنى السّوق السريع الذي يحدث غالباً في الحروب.
«خيل : بمعناه المتعارف عليه (وهي اسم جنس وجمعها خيول) (١).
«ركاب : من مادة ركوب وتطلق في الغالب على ركوب الجمال.
والهدف من مجموع الجملة أنّ جميع الموارد التي لم يحدث فيها قتال وفيها غنائم ، فإنّها لا توزّع بين المقاتلين ، وتوضع بصورة تامّة تحت تصرّف رئيس الدولة الإسلامية وهو يصرفها في الموارد التي سيأتي الحديث عنها لاحقاً.
ثم يضيف سبحانه أنّ الإنتصارات لا تكون غالباً لكم (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).
نعم ، لقد تحقّق الإنتصار على عدو قوي وشديد كيهود (بني النضير) وذلك بالمدد الإلهي الغيبي ، ولتعلموا أنّ الله قادر على كل شيء.
ولابدّ للمسلمين أن يتعلّموا من ذلك دروس المعرفة الإلهية ، ويلاحظوا علائم حقّانية النبي صلىاللهعليهوآله ، ويلتزموا منهج الإخلاص والتوكل على الذات الإلهية المقدسة في جميع ممارساتهم.
والآية اللاحقة تبيّن بوضوح مورد صرف (الفيء) الوارد في الآية السابقة وتقول بشكل قاعدة كليّة : (مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
وهذا يعني أنّ هذه الغنائم ليست كباقي الغنائم الحربية التي يكون خمس منها فقط تحت تصرّف الرسول صلىاللهعليهوآله وسائر المحتاجين ، والأربعة الأخماس الاخرى للمقاتلين.
وإذا ما صرّحت الآية السابقة برجوع جميع الغنائم لرسول الله صلىاللهعليهوآله فلا يفهم من ذلك أن يصرفها جميعاً في موارده الشخصية ، وإنّما اعطيت له لكونه رئيساً للدولة الإسلامية ، وخاصة كونه المتصدّي لتغطية حاجات المعوزين ، لذا فإنّ القسم الأكبر يصرف في هذا المجال.
إنّ الرسول صلىاللهعليهوآله لا يريد الأموال لُاموره الشخصية ، بل بعنوان قائد المسلمين ورئيس دولتهم يصرفها في الامور التي تحقّق مصلحة الدولة الإسلامية بشكل عام.
__________________
(١) يقول الراغب في المفردات : إنّ الخيل في الأصل من مادة (خيال) بمعنى التصوّرات الذهنية ، وخيلاء بمعنى التكبّر والتعالي على الآخرين لأنّه ناتج من تخيّل الفضيلة ، ولأنّ ركوب الإنسان على الحصان يشعر بالإحساس بنوع من الفخر والزهو غالباً ، لذلك أطلق لفظ الخيل على الحصان ، والنقطة الجديرة بالملاحظة أنّ خيل تطلق على الحصان وكذلك على راكبه.