وبهذا الترتيب فإنّ خصوصياتهم هي : (تربية النفس) و (الإحترام للسابقين في الإيمان) و (الإبتعاد عن الحسد والبغضاء).
والتعبير ب (إخوان) والإستمداد من الرؤوف الرحيم في نهاية الآية يحكي عن روح المحبّة والصفاء والاخوّة التي يجب أن تسود المجتمع الإسلامي أجمع ، فكل شخص يتمنّى صفة حسنة لا يتمنّاها لنفسه فحسب.
إنّ الآيد أعلاه لبيان هذه الحقيقة وهي أنّ أموال الفيء لا تنحصر بمحتاجي المهاجرين والأنصار فقط ، بل تشمل سائر المحتاجين من المسلمين على مرّ العصور.
بحث
الصحابة في ميزان القرآن والتاريخ : يصرّ بعض المفسرين ـ بدون الإلتفات إلى الصفات التي مرّت بنا في الآيات السابقة لكل من المهاجرين والأنصار والتابعين ـ على إعتبار جميع الصحابة بدون استثناء متّصفين بجميع الصفات الإيجابية (للمهاجرين والأنصار والتابعين) وأنّهم نموذج يقتدى بهم من حيث نزاهتهم وطهرهم والتسامح فيما بينهم ، وكل خلاف صدر منهم أحياناً سواء في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله أو من بعده فإنّهم يغضّون النظر عنه ، وبهذا اعتبروا كل مهاجر وأنصاري وتابع شخصاً محترماً ومقدّساً بصورة عامة ، دون الإلتفات إلى أعمالهم وتقييمها حسب الموازين الشرعية.
إلّا أنّ الملاحظ أنّ في الآيات أعلاه رفض واضح إزاء هذا الفهم ، حيث تحدّد الآية التقييم وفق ضوابط وموازين دقيقة للمهاجرين الحقيقيين والأنصار والتابعين.
ففي المهاجرين : الإخلاص والجهاد والصدق.
وفي الأنصار : المحبة للمهاجرين والإيثار ، والإبتعاد عن كل حرص وبخل.
وفي التابعين : بناء أنفسهم ، والإحترام للسابقين في الإيمان ، والإبتعاد عن كل بغض وحسد.
إنّنا في الوقت الذي نحترم فيه السابقين في خطّ الرسالة والإيمان ، يجدر بنا أن ندقّق في سوابقهم وملفّ فعالهم ، سواء على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أو المخاضات المختلفة التي حدثت بعده في التاريخ الإسلامي ، وعلى أساس الضوابط والمعايير الإسلامية المستلهمة من هذه الآيات المباركات نحكم لهم أو عليهم ، وعندئذ نقوّي أواصرنا مع من بقي على العهد ، ونقطعها أو نحدّدها ـ بما يناسب ـ مع من ضعفت روابطهم أو قطعوها مع تلك الموازين والضوابط ، وهذا هو المنطق الصحيح والمنسجم مع حكم القرآن والعقل.