بالرغم من أنّ أزواج المؤمنات كفار فلابدّ من إعطائهم ما أنفقوا من مهور على زوجاتهم ، وذلك لأنّ الطلاق والانفصال قد تمّ بمبادرة من المرأة بسبب إيمانها ، لذا توجب العدالة الإسلامية دفع خسارة الزوج.
وطبيعي أنّ دفع المهر يكون لمن عقد معاهدة صلح من الكفار مع المسلمين ، كما في صلح الحديبية.
٥ ـ الحكم الآخر الذي يلي الحكم أعلاه ، فهو قوله تعالى : (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَاءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ).
ومن الضروري ملاحظة أنّ انفصال المرأة المؤمنة عن زوجها الكافر لا يحتاج إلى طلاق ، إلّاأنّه لابدّ من انتهاء العدّة.
٦ ـ أمّا إذا كان الزوج قد آمن بالإسلام ، وبقيت المرأة كافرة ، فهنا تنفصل الرابطة الزوجية ، فتنقطع صلة زواجهما ، كما في قوله تعالى : (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ).
«عصم : جمع عصمة ، وهي في الأصل بمعنى المنع ، وهنا بمعنى النكاح والزوجية.
«الكوافر : جمع كافرة ، بمعنى النساء الكافرات.
٧ ـ أمّا آخر حكم ذكر في الآية الكريمة ، فهو مهور النساء اللواتي ارتددن عن الإسلام والتحقنّ بالكفار فإنّ لكم الحق في المطالبة بمهورهن مثلما للكفار الحق في المطالبة بمهور زوجاتهم اللاتي دخلن دائرة الإسلام والتحقن بالمسلمين ، حيث يقول تعالى : (وَسَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسَلُوا مَا أَنفَقُوا). وهذا ما توجبه العدالة والإحترام المتقابل للحقوق.
وفي نهاية الآية ـ وتأكيداً لما سبق ـ يقول سبحانه : (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
إنّ هذه الأحكام المستلهمة من العلم الإلهي ، الممتزجة بحكمته تعالى.
والإلتفات إلى حقيقة أنّ كون جميع هذه الأحكام إلهية يُعدّ أكبر ضمانة إجرائية لها في قوّة التنفيذ.
وإستعرضت ثاني وآخر آية من هذه الآيات متابعة لما تقدّم ، بعض الامور في هذا الصدد.
يقول تعالى أنّه في كل مرّة ترتدّ امرأة متزوّجة عن الإسلام وتلتحق بالكفار ، ثم حدثت معركة بينكم وبين الكفار وحالفكم النصر عليهم وغنمتم منهم مغانم فاعطوا الذين ذهبت زوجاتهم إلى الكفار : (وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَاتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا).