ولهذا فإنّه سبحانه يبارك للمؤمنين تجارتهم العظيمة هذه ، ويزفّ لهم البشرى بقوله تعالى : (وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) (١٤)
كونوا كالحواريين : في الآية الأخيرة من سورة الصّف يدور الحديث مرّة اخرى حول محور (الجهاد) الذي مرّ ذكره سابقاً في هذه السورة ، إلّاأنّ الحديث عنه يستمر هنا في هذه الآية ـ أيضاً باسلوب جديد. لقد طرحت الآية الكريمة مسألة مهمة غير الجنة والنار وذلك بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللهِ).
نعم ، أنصار الله ، الله الذي هو منشأ جميع القدرات ، ومرجعها.
ثم يستشهد بنموذج تاريخي رائد كي يوضّح سبحانه أنّ هذا الطريق لن يخلو من السالكين والعشّاق الإلهيين حيث يضيف تعالى : (كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَن أَنصَارِى إِلَى اللهِ).
ويكون الجواب على لسان الحواريين بمنتهى الفخر والإعتزاز : (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ). وساروا في هذا الدرب حاملين لواء الخير والهداية ، ومتصدّين لحرب أعداء الحق والرسالة ، حيث يقول سبحانه : (فَامَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِى إِسْرَاءِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ).
وهنا يأتي العون والنصر والإغاثة والمدد الإلهي للطائفة المؤمنة حيث يقول سبحانه : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَءَامَنُوا عَلَى عَدُوّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).
وأنتم أيضاً يا حواريي محمّد ، يشملكم هذا الفخر وتحيطكم هذه العناية واللطف الإلهي ، لأنّكم أنصار الله ، وإنّ النصر على أعداء الله سيكون حليفكم أيضاً ، كما انتصر الحواريون عليهم.
من هم الحواريون؟ جاء ذكر الحواريين في القرآن الكريم خمس مرّات ، مرتين منها في هذه السورة المباركة.
«الحواريون : تعبير يراد به الإشارة إلى إثني عشر شخصاً من الأنصار الخواص