سبب النّزول
نقل في سبب نزول هذه الآيات وخصوصاً الآية (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً) روايات مختلفة جميعها تخبر عن معنى واحد ، هو أنّه في أحد السنوات : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر ، فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام ، والنبي صلىاللهعليهوآله يخطب يوم الجمعة فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه فلم يبق مع النبي صلىاللهعليهوآله إلّارهط ، فنزلت الآية فقال صلىاللهعليهوآله : «والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي ناراً.
وقال المقاتلان : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله يخطب يوم الجمعة ، إذ قدم دحية بن خليفة بن فروة الكلبي ، ثم أحد بني الخزرج ثم أحد بني زيد بن مناة من الشام بتجارة. وكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق ، إلّاأتته وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق ، أو برّ ، أو غيره فينزل عند أحجار الزيت ، وهو مكان في سوق المدينة ، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه ، فيخرج إليه الناس ليتبايعوا معه.
فقدم ذات جمعة وكان ذلك قبل أن يسلم ورسول الله صلىاللهعليهوآله قائم على المنبر يخطب. فخرج الناس ، فلم يبق في المسجد إلّااثنا عشر رجلاً وامرأة ، فقال صلىاللهعليهوآله : لولا هؤلاء لسوّمت عليهم الحجارة من السماء. وأنزل الله هذه الآية (١).
التّفسير
أكبر تجمّع عبادي سياسي اسبوعي : كانت الأبحاث السابقة تدور حول مسألة التوحيد والنبوّة والمعاد ، وكذلك ذمّ اليهود عبيد الدنيا ، بينما انصبّ الحديث في الآيات مورد البحث على الركائز الإسلامية المهمة التي تؤثّر كثيراً على استقرار أساس الإيمان ، وتمثّل الهدف الأساس للسورة ، وهي صلاة الجمعة وبعض الأحكام المتعلقة بها. ففي البداية يخاطب الله تعالى المسلمين جميعاً بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
«نودي : من مادة نداء وهي هنا بمعنى الأذان إذ لا نداء للصلاة غير الأذان.
فعندما يرتفع الأذان لصلاة الجمعة يكون لزاماً على الناس أن يتركوا مكاسبهم ومعايشهم ، ويذهبوا إلى الصلاة وهي أهمّ ذكر لله.
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ١٠ / ١١.