التّفسير
التوبيخ لبعض زوجات الرسول : مما لا شك فيه أنّ رجلاً عظيماً كالرسول صلىاللهعليهوآله لا يمكن أن يهمّه أمره وحده دون غيره ، بل أمره يهمّ المجتمع الإسلامي والبشرية جمعاء ، ولهذا يكون التعامل مع أيّة دسيسة حتى لو كانت بسيطة تعاملاً حازماً وقاطعاً لا يسمح بتكرّرها ، لكي لا تتعرض حيثية الرسول واعتباره إلى أي نوع من التصدّع والخدش والآيات محل البحث تعتبر تحذيراً من ارتكاب مثل هذه الأعمال حفاظاً على اعتبار الرسول صلىاللهعليهوآله. البداية كانت خطاباً إلى الرسول : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ).
إنّ هذا التحريم ليس تحريماً شرعياً ، بل هو ـ كما يستفاد من الآيات اللاحقة ـ قسم من قبل الرسول الكريم ، ومن المعروف أنّ القسم على ترك بعض المباحات ليس ذنباً. وبناءً على هذا فإنّ جملة (لِمَ تُحَرّمُ) لم تأت كتوبيخ وعتاب ، وإنّما هي نوع من الإشفاق والعطف.
ثم يضيف في آخر الآية : (وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). وهذا العفو والرحمة إنّما هو لمن تاب من زوجات الرسول اللاتي رتّبن ذلك العمل وأعددنه.
ويضيف في الآية اللاحقة أنّ الله قد أوضح طريق التخلّص من مثل هذا القسم : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ). أي : أعط كفارة القسم وتحرّر منه.
ثم يضيف : (وَاللهُ مَوْلكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ). فقد أنجاكم من مثل هذه الأقسام ووضع لكم طريق التخلّص منها طبقاً لعلمه وحكمته.
ويستفاد من بعض الروايات أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أعتق رقبة بعد هذا القسم وحلّل ما كان قد حرّمه بالقسم.
وفي الآية اللاحقة يتعرض لهذا الحادث بشكل أوسع : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ).
إنّ هذا السر يتكوّن من أمرين :
الأوّل : تناول العسل عند زوجته (زينب بنت جحش).
والثاني : تحريم العسل على نفسه في المستقبل.
أمّا الزوجة التي أذاعت السر ولم تحافظ عليه فهي حفصة حيث أنّها نقلت ذلك الحديث الذي سمعت به إلى عائشة.