وعلى كل حال فإنّه : (فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ).
ويتّضح من مجموع هذه الآيات أنّ بعض زوجات الرسول لم يكتفين بإيذاء النبي صلىاللهعليهوآله بكلامهن ، بل لا يحفظن سرّه ، وحفظ السر من أهمّ صفات الزوجة الصالحة الوفيّة لزوجها. ثم يتحدث القرآن مع زوجتي الرسول اللتين كانتا وراء هذا الحادث بقوله : (إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا).
وقد اتّفق المفسرون الشيعة والسنة على أنّ تلك الزوجتين هما حفصة بنت عمر وعائشة بنت أبي بكر.
ثم يضيف تعالى : (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ).
ويتّضح من هذا كم تركت هذه الحادثة من أثر مؤلم في قلب الرسول صلىاللهعليهوآله وروحه العظيمة ، ورغم قدرة الرسول المتكاملة نشاهد أنّ الله يدافع عنه إذ يعلن حماية جبرائيل والمؤمنين له.
مما لا شك فيه أنّ صالح المؤمنين ، لها معانٍ واسعة تشمل جميع المؤمنين الصالحين الأتقياء الذين كمل إيمانهم ، ولكن ما هو المصداق الأكمل والأتم لهذا المصطلح؟
يستفاد من روايات عديدة أنّ المقصود هو الإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلام.
في آخر آية من هذه الآيات يخاطب الله تعالى جميع نساء النبي بلهجة لا تخلو من التهديد : (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيّبَاتٍ وَأَبْكَارًا).
يضع القرآن الكريم عدّة صفات للمرأة الصالحة التي يمكنها أن تكون نموذجاً يقتدى به في انتخاب الزوجة اللائقة.
الأوّل الإسلام ثم الإيمان أي الإعتقاد الذي ينفذ ويترسّخ في أعماق قلب الإنسان ، ثم حالة القنوت أي التواضع وطاعة الزوج ، بعد ذلك التوبة ويقصد أنّ الزوجة إذا ما ارتكبت ذنباً بحق زوجها فإنّها سرعان ما تتوب وتعتذر عن ذلك ، وتأتي بعد ذلك العبادة التي جعلها الله سبحانه ليطهّر بها قلب الإنسان وروحه ويصنعها من جديد ، ثم إطاعة أوامر الله والورع عن محارمه.