لذا يقول في ختام الآية : (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلّ شَىْءٍ بَصِيرٌ).
إنّه الله تعالى الذي وضع باختيارها الوسائل والقوى والإمكانات المختلفة للطيران ، وحافظ عليها في السماء ، هو بذاته المقدسة يحفظ الأرض والكائنات الاخرى ، وعندما يشاء غير ذلك فلن يكون عندئذ للطيور قدرة الطيران ولا للأرض حالة الهدوء والاستقرار.
ثم يشير تعالى في الآية اللاحقة إلى أنّ الكافرين ليس لهم أي عون أو مدد مقابل قدرة الله عزوجل حيث يقول : (أَمَّنْ هذَا الَّذِى هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مّن دُونِ الرَّحْمنِ).
إنّ هؤلاء الذين هم (جند لكم) ليسوا عاجزين عن مساعدتكم ونصرتكم فحسب ، بل إذا شاء الرحمن جعلها سبب عذابكم ودماركم.
ألا (إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِى غُرُورٍ). فلقد أعمت عقولهم حجب الجهل والغرور ، ولا يعتبرون أو يتّعظون بما حصل للأقوام البائدة السابقة ، ولا لما يصيب الآخرين في حياتنا المعاصرة.
ثم يضيف سبحانه مؤكّداً ما سبق : (أَمَّنْ هذَا الَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ).
فإذا أمر الله السماء أن تمتنع عن المطر ، والأرض عن الإنبات ، وأمر الآفات الزراعية بالفتك بالمحاصيل ... فمن القادر غيره أن يطعمكم الطعام؟
وإذا ما قطع الله الرزق المعنوي عنكم والوحي السماوي من الوصول إليكم ، فمن القادر غيره على إرشادكم وإنقاذكم من براثن الضلال؟ إنّها لحقائق واضحة وأدلة دامغة ، إلّاأنّ العناد هو الذي يشكّل حجاباً للإدراك وللشعور الحق : (بَل لَّجُّوا فِى عُتُوٍّ وَنُفُورٍ).
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتَى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) (٢٧)
السائر سويّاً على جادة التوحيد : تعقيباً لما ورد في الآيات السابقة بالنسبة إلى