ويقول في شأن قوم نوح : (وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى).
لأنّ نبيّهم نوحاً عاش معهم زماناً طويلاً ، وبذل قصارى جهده في إبلاغهم ونصحهم ، فلم يستجب لدعوته إلّاقليل منهم ، وأصرّوا على شركهم وكفرهم وعتوّهم وإستكبارهم وإيذائهم نبيّهم نوحاً وتكذيبهم إيّاه وعبادة الأوثان بشكل فظيع كما سنعرض تفصيل ذلك في تفسير سورة نوح إن شاء الله.
وأمّا رابعة الامم فهي قوم لوط المشار إليهم بقوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى).
والظاهر أنّ زلزلة شديدة أصابت حيّهم وقريتهم فقذفت عماراتهم نحو السماء بعد إقتلاعها من الأرض وقلبتها على الأرض ، وطبقاً لبعض الروايات كان جبرئيل قد إقتلعها بإذن الله وجعل عاليها سافلها ودمّرها تدميراً ... (فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى).
لقد امطروا بحجارة من السماء ، فغشّت حيّهم وعماراتهم المنقلبة ودفنتها عن آخرها.
وفي ختام هذا البحث يشير القرآن إلى مجموع النعم الوارد ذكرها في الآيات المتقدمة ويلمح إليها بصورة استفهام إنكاري قائلاً : (فَبِأَىّءَالَاءِ رَبّكَ تَتَمَارَى).
فهل تشكّ وتتردّد بنعم الله ، كنعمة الحياة أو أصل نعمة الخلق والإيجاد ، أو نعمة أنّ الله لا يأخذ أحداً بوزر أحد ؛ وما جاء في الصحف الاولى وأكّده القرآن؟!
صحيح أنّ المخاطب بالآية هو شخص النبي صلىاللهعليهوآله إلّاأنّ مفهومها شامل لجميع المسلمين ، بل الهدف الأصلي من هذه الآية إفهام الآخرين.
(هذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) (٦٢)
تعقيباً على الآيات المتقدمة التي كانت تتحدث عن إهلاك الامم السالفة لظلمهم ، تتوجّه هذه الآيات ـ محل البحث ـ إلى المشركين والكفار ومنكري دعوة النبي صلىاللهعليهوآله فتخاطبهم بالقول : (هذَا نَذِيرٌ مّنَ النُّذُرِ الْأُولَى). أي النبي أو القرآن نذير كمن سبقه من المنذرين.
وقوله عن القرآن أو النبي هذا نذير من النذر الاولى يعني أنّ رسالة محمّد وكتابه