السماوي لم يكن (أي منهما) موضوعاً لم يسبق إليه ، فقد أنذر الله امماً بمثله في ما مضى من القرون ، فعلام يكون ذلك مثار تعجبكم.
ومن أجل أن يلتفت المشركون والكفار إلى الخطر المحدق بهم ويهتّموا به أكثر يضيف القرآن قائلاً : (أَزِفَتِ الْأَزِفَةُ).
والتعبير ب الآزفة عن القيامة هو لإقترابها وضيق وقتها ، لأنّ الكلمة هذه مأخوذة من الأزف على وزن نَجَف ، ومعناه ضيق الوقت ، وبالطبع فإنّ مفهومه يحمل الإقتراب أيضاً.
وتسمية القيامة بالآزفة في القرآن بالإضافة إلى هذه الآية محل البحث ، واردة في الآية (١٨) من سورة غافر أيضاً ... وهو تعبير بليغ وموقظ ، وهذا المعنى جاء بتعبير آخر في الآية (١) من سورة القمر : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ). فإنّ إقتراب القيامة مع الأخذ بنظر الاعتبار عمر الدنيا المحدود والقصير يمكن إدراكه بوضوح ، خاصة ما ورد أنّ من يموت تقوم قيامته الصغرى.
ثم يضيف القرآن قائلاً : أنّ المهمّ هو أنّه لا أحد غير الله بإمكانه إغاثة الناس في ذلك اليوم والكشف عمّا بهم من شدائد : (لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ).
«الكاشفة : هنا معناه مزيحة الشدائد.
فالحاكم والمالك وصاحب القدرة في ذلك الحين وكل حين هو الله سبحانه ، فإذا أردتم النجاة فالتجئوا إليه وإلى لطفه وإذا طلبتم الدّعة والأمان فاستظلّوا بالإيمان به.
ويضيف القرآن في الآية التالية قائلاً : (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ).
ولعلّ هذه الجملة إشارة إلى القيامة الوارد ذكرها آنفاً ، أو أنّها إشارة إلى القرآن ، لأنّه ورد التعبير عنه ب الحديث في بعض الآيات كما في الآية (٣٤) من سورة الطور ، أو أنّ المراد من الحديث هو ما جاء من القصص عن هلاك الامم السابقة أو جميع هذه المعاني.
ثم يقول مخاطباً : (وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنتُمْ سَامِدُونَ). أي في غفلة مستمرّة ولهو وتكالب على الدنيا ، مع أنّه لا مجال للضحك هنا ولا الغفلة والجهل ، بل ينبغي أن يُبكى على الفرص الفائتة والطاعات المتروكة ، والمعاصي المرتكبة ، وأخيراً فلابد من التوبة والرجوع إلى ظلّ الله ورحمته.
ويقول القرآن في آخر آية من الآيات محل البحث ـ وهي آخر آية من سورة النجم أيضاً