ثم يضيف تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ).
في ذلك اليوم العظيم لا تتلا شى فيه الأرض والجبال فحسب ، بل يقع حدث عظيم آخر ، وذلك قوله تعالى : (وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِىَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ). وذلك بيان لما تتعرّض له الأجرام السماوية العظيمة من إنفلاقات وتناثر وتلاشي.
(وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا). أرجاء : جمع رجا بمعنى جوانب وأطراف شيء معيّن.
ثم يقول تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ).
المقصود ب (العرش) هو (مجموعة عالم الوجود) حيث أنّه عرش حكومة الله سبحانه ، ويدبّر حكومته تعالى من خلاله بواسطة الملائكة الذين هم جاهزون لتنفيذ أمره سبحانه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم أنّ حملة العرش ثمانية ؛ أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين ، فأمّا الأربعة من الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، والأربعة من الآخرين : محمّد وعلي والحسن والحسينعليهمالسلام.
وهذا الحديث من الممكن أن يكون إشارة إلى مقام شفاعتهم للأوّلين والآخرين ، والشفاعة ـ عادةً ـ تكون لمن هم أهل لها ، وممّن لهم لياقة لنيلها ، ومع ذلك فإنّه يوضّح المفهوم الواسع للعرش.
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (٢٤)
يا أهل المحشر : اقرؤا صحيفة أعمالي : قلنا في تفسير الآيات السابقة أنّ (نفخ الصور) يحدث مرّتين ، وكما ذكرنا فإنّ بداية الآيات تخبرنا عن النفخة الاولى ولم تستعرض تفاصيل النفخة الثانية ، واستمراراً للحديث في هذا الصدد ، وخصوصيات العالم الجديد الذي سيكون عند النفخة الثانية ، تحدّثنا هذه الآيات عن شيء من ذلك حيث يقول تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَاتَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ).
«تعرضون : من مادة عرض بمعنى عرض شيء معيّن ، بضاعة أو غيرها.
وممّا لا شك فيه أنّ جميع ما في الوجود ـ بشراً وغيره ـ هو بين يدي الله سبحانه ، سواء في