سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : نزلت الآيات في الوليد بن المغيرة المخزومي ، وذلك أنّ قريشاً اجتمعت في دارالندوة ، فقال لهم الوليد : إنّكم ذوو أحساب ، وذوو أحلام ، وإنّ العرب يأتونكم فينطلون من عندكم ، على أمر مختلف. فاجمعوا أمركم على شيء واحد ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا : نقول إنّه شاعر. فعبس عندها وقال : قد سمعنا الشعر فما يشبه قوله الشعر. فقالوا : نقول إنّه كاهن. قال : إذا تأتونه فلا تجدونه يحدث بما تحدث به الكهنة. قالوا : نقول إنّه لمجنون. فقال : إذا تأتونه فلا تجدونه مجنوناً. قالوا : نقول إنّه ساحر. قال : وما الساحر؟ فقالوا : بشر يحببون بين المتباغضين ويبغضون بين المتحابين. قال : فهو ساحر ، فخرجوا. فكان لا يلقى أحد منهم النبي صلىاللهعليهوآله إلّاقال : يا ساحر ، يا ساحر. واشتدّ عليه ذلك فأنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثّرُ) إلى قوله (إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ).
التّفسير
الوليد بن المغيرة ... الثري المغرور : تواصل هذه الآيات انذار الكفار والمشركين كما في الآيات السابقة مع فارق ، وهو أنّ الآيات السابقة كانت تنذر الكافرين بشكل عام ، وهذه تنذر أفراداً معينين بتعابير قوية وبليغة بأشدّ الإنذارات ، فيقول تعالى : (ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا). والآيات الآتية نزلت في الوليد بن المغيرة كما قلنا.
ثم يضيف تعالى : (وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُودًا).
وقيل : إنّ أمواله بلغت حدّاً من الكثرة بحيث ملك الإبل والخيول والأراضي الشاسعة ما بين مكة والطائف ، وقيل إنّه يملك ضياع ومزارع دائمة الحصاد ، وله مائة ألف دينار ذهب ، وكل هذه المعاني تجتمع في كلمة الممدود.
ثم أشار تعالى إلى قوّته في قوله : (وَبَنِينَ شُهُودًا).
إذ كانوا يعينونه على حياته ، وحضورهم انس وراحة له ، إذ كان له عشرة بنين ، كما في الروايات.
ثم يستطرد بذكر النعم التي وهبها له. يقول تعالى : (وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا).
ولم يهبه ما ينفع من المال والأولاد فحسب ، بل أغدق عليه ما يريد من جاه وقوّة.
«التمهيد : من المهد وهو ما يستخدم لنوم الطفل ، ويطلق على ما يتهيأ من وسائل الراحة والمقام وانتظام الامور.