ثم يضيف تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا).
وهذا الإختبار من وجهين :
الأوّل : لأنّهم كانوا يستهزئون بالعدد تسعة عشر ، ويتساءلون عن سبب اختيار هذا العدد ، في حين لو وضع عدد آخر لكانوا قد سألوا السؤال نفسه.
والوجه الثاني : أنّهم كانوا يستقلون هذا العدد ويسخرون من ذلك بقولهم : لكل واحد منهم عشرة منّا ، لتكسر شوكتهم.
في حين أنّ ملائكة الله وصفوا في القرآن بأنّ نفراً منهم يؤمرون بإهلاك قوم لوط عليهالسلام ويقلبون عليهم مدينتهم.
ثم يضيف تعالى أيضاً : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ).
وسكوت هؤلاء اليهود وعدم اعتراضهم على هذا الجواب يدلّ على أنّه موافق لما هو مذكور في كتبهم ، وهذا مدعاة لإزدياد يقينهم بنبوّة النبي صلىاللهعليهوآله ، وصار قبولهم هذا سبباً في تمسك المؤمنين بإيمانهم وعقائدهم. لذا تضيف الآية في الفقرة الاخرى : (وَيَزْدَادَ الَّذِينَءَامَنُوا إِيمَانًا).
ثم تعود مباشرة بعد ذكر هذه الآية إلى التأكيد على تلك الأهداف الثلاثة ، إذ يعتمد مجدداً على إيمان أهل الكتاب ، ثم المؤمنين ، ثم على اختبار الكفار والمشركين ، فيقول : (وَلَا يَرْتَابُ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهذَا مَثَلاً).
عبارة : (الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ) اطلقت على جميع الكفار والمعاندين والمحاربين لآيات الحق.
ثم يضيف حول كيفية استفادة المؤمنين والكفار والذين في قلوبهم مرض من كلام الله تعالى ؛ فيقول تعالى : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ).
إنّ الجمل السابقة تشير بوضوح إلى أنّ المشيئة والإرادة الإلهية لهداية البعض واضلال البعض الأخر ليس اعتباطاً ، فإنّ المعاندين والذين في قلوبهم مرض لا يستحقون إلّا الضلال ، والمؤمنون والمسلّمون لأمر الله هم المستحقون للهدى.
ويقول في نهاية الآية : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِىَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ).
فالحديث عن التسعة عشر من خزنة النار ، ليس لتحديد ملائكة الله تعالى ، بل إنّهم