وأشارت الآية الأخيرة من آيات البحث إلى الذين سلكوا طريق الكفر والكفران فتقول : (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلسِلَا وَأَغْللاً وَسَعِيرًا).
«سلاسل : جمع (سلسلة) ، وهي القيد الذي يقاد به المجرم ؛ والأغلال : جمع (غل) ، وهي الحلقة التي توضع حول العنق أو اليدين وبعد ذلك يُقفل بالقيد.
إنّ ذكر الأغلال والسلاسل ولهيب النيران المحرقة تبيان للعقوبات التي يعاقب بها المجرمون ، وهو ما اشير إليه في كثير من آيات القرآن ويشمل ذلك العذاب والذل.
(إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) (١١)
سبب النزول
البرهان العظيم على فضيلة أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله : قال ابن عباس : إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما الرسول صلىاللهعليهوآله في ناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك ، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما كان معهم شيء ، فاستقرض علي عليهالسلام من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصواع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم ، أهل بيت محمّد ، مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّاالماء وأصبحوا صياماً ، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة عند الغروب ، ففعلوا مثل ذلك ، فلمّا أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، قال : ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم. وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها ، وغارت عيناها ، فساءه ذلك ، فنزل جبرئيل وقال : خذها يا محمد ، هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة.