ثم يضيف سبحانه في الآية التالية : (مُّتَّكِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَايَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا).
ولا يعني هذا انعدام الشمس والقمر في الجنان ، بل بسبب ظلال أشجار الجنان لا تكون أشعة الشمس مؤذية.
«زمهرير : من مادة زمهر وهو البرد الشديد ، أو شدّة الغضب أو احمرار العين من أثر الغضب ، والمراد هنا هو المعنى الأوّل.
«أرائك : جمع أريكة ، وتطلق في الأصل على الأسرّة التي توضع في غرفة العروس ، والمراد هنا الأسرّة الجميلة والفاخرة.
عن ابن عباس : بينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا ضوءاً كضوء الشمس ، وقد أشرقت الجنان به فيقول أهل الجنة يا رضوان ما هذا؟ وقد قال ربّنا (لَايَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا) ، فيقول لهم رضوان : ليس هذا بشمس ، ولا قمر ، ولكن علي وفاطمة ضحكا ، فأشرقت الجنان من نور ثغريهما (١).
وتضيف الآية الاخرى متمّمة لهذه النعم : (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِللُهَا وَذُلّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً).
ليست هنا من مشكلة لقطف الثمار ، ولا شوكة لتدخل في اليد ، ولا تحتاج ذلك إلى مشقّة أو حركة.
ثم توضح الآية الاخرى كيفية استضافة أصحاب الجنان ، وأدوات الضيافة ، والمستقبلين لهم ، فيقول : (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بَانِيَةٍ مّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا).
تحتوي هذه الآنية على أنواع الأغذية والأشربة المتعددة الأصناف واللذيذة والباعثة على النشاط ، بالقدر الذي يشاؤونه ويحبّونه ، والولدان المخلدون يطوفون عليهم ليعرضوا عليهم الآنية والأكواب المليئة بما وعدهم الله بها.
ثم يضيف تعالى : (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً).
صرح الكثير من المفسرين بأنّ عرب الجاهلية كانوا يتلذذون بالشراب الممزوج بالزنجبيل ، لأنّه كان يعطي قوّة خاصة للشراب.
__________________
(١) روح المعاني ٢٩ / ١٥٩.