الأمرين. أو بعبارة اخرى : إنّها نوع من الحرية المرتبطة بالمشيئة الإلهية ، إذ يمكن سلبها متى يشاء ليتسنى للعباد تحمل ثقل المسؤولية الذي يعتبر رمزاً للتكامل من جهة ، ومن جهة اخرى أن لا يتوهموا استغنائهم عن الله تعالى.
ولعلّ آخر الآية : (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا). يشير حكمه إلى هذا المعنى ، لأنّ حكمة الله تستوجب إعطاء الحرية للعباد في سلوك طريق التكامل ، وإلّا فإنّ التكامل الإجباري لا يعدّ تكاملاً ، بالإضافة إلى أنّ حكمة الله لا تتفق مع فرض الأعمال الخيرة على اناس وفرض الأعمال الشريرة على اناس آخرين ، ثم إنّه يثيب الجماعة الاولى ويعاقب الثانية.
ثم تشير الآية الاخرى بعد ذلك إلى مصير الصالحين والطالحين ، إذ تقول الآية : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِى رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
والظريف أنّ صدر الآية يقول : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِى رَحْمَتِهِ) ، ويقول ذيلها : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) ، وهذا يشير إلى أنّ مشيئته تعالى بعقوبة الإنسان تتبع مشيئة الإنسان للظلم والمعاصي ، وبقرينة المقابلة يتّضح أنّ مشيئته تعالى في الرحمة تتبع إرادة الإنسان في الإيمان والعمل الصالح وإقامة العدل ، ولا يمكن أن يكون هذا الأمر إلّامن حكيم.
|
نهاية تفسير سورة الإنسان |
* * *