جَنبِ اللهِ) (١). يوم ينهال العذاب الإلهي على الكافرين فيقولون بصرخات مستغيثة : (هَلْ إِلى مَرَدّ مّن سَبِيلٍ) (٢).
بل وإنّ طلب العودة إلى الحياة لجبران خطيئاتهم سيطرح في اولى لحظات الموت ، حين تزال الحجب عن عين الإنسان فيرى بام عينيه حقيقة عالم الآخرة ، فيستيقن حياة البرزخ والمعاد ، ولا يبقى عنده إلّاأن يقول : (رَبّ ارْجِعُونِ * لَعَلّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) (٣).
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً (٧) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً (٨) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (١١) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً) (١٦)
كل شيء بأمرك يا ربّ ... : تجيب الآيات المذكورة على أسئلة منكري المعاد والمختلفين في هذا النبإ العظيم لأنّها تستعرض جوانب معينة من نظام الكون وعالم الوجود الموزون ، مع تبيانها لبعض النعم الإلهية الواسعة ذات التأثير الفعال في حياة الإنسان ، وذلك من جهة دليل على قدرة الباري عزوجل المطلقة ، ومنها قدرته على إعادة الحياة إلى الإنسان بعد موته.
ومن جهة اخرى إشارة إلى أنّ الكون وما فيه من دقّة تنظيم ، لا يمكن أن يُخلق لمجرد العبث واللهو ، بل لابدّ من وجود حكمة بالغة لهذا الخلق. في حين أنّه لو كان الموت يعني نهاية كل شيء ، فمعنى ذلك أنّ وجود العالم عبث وخالٍ من أيّة حكمة.
وبهذا فقد استدل القرآن الكريم على حقيقة المعاد بطريقين :
١ ـ برهان القدرة.
٢ ـ برهان الحكمة.
وقد عرضت الآيات الإحدى عشر ، اثنتي عشر نعمة إلهية ، باسلوب ملؤه اللطف والمحبّة ، مصحوباً بالاستدلال.
__________________
(١) سورة الزمر / ٥٦.
(٢) سورة الشورى / ٤٤.
(٣) سورة المؤمنون / ٩٩ و ١٠٠.