والنازعات لم يكن حبسه وحسابه يوم القيامة إلّاكقدر صلاة مكتوبة حتى يدخل الجنة.
وليس غربياً أن ينال الإنسان بكل ما ذكر جزاءً من عند الله ، إذا ما أمعن في محتوى السورة وتدبّر إشاراتها الموقظة للنفوس الغافلة ، والمعرّفة بوظائف الإنسان في حياته ، فمن لم يكتف بترديد ألفاظ السورة ، وعمل بها بعد الإمعان والتدبر فحري أن يجزى بما وعد الحق.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) (٥)
القسم بالملائكة : جاء القَسم القرآني بخمسة أشياء مهمة ، لتبيان حقيقة وحتمية تحقق يوم القيامة (المعاد) ، فيقول : (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ...).
«النازعات : من النزع ، ونزع الشيء جذبه من مقرّه.
«الغَرق : هو الرسوب في الماء ، ويأتي كذلك فيمن غمره البلاء ؛ والمقصود في هذه الآية ليس الغرق في الماء ، بل هو القيام بعمل ما إلى أقصى حدّ ممكن.
«النّاشطات : من النشط ، هي العُقد التي يسهل حلها ، فيكون المعنى عموماً : هو التحرك بسهولة.
«السابحات : من السبح ، وهو الحركة السريعة في الماء أو الهواء.
«السابقات : من السبق ، وهو التقدم في السير.
«المدبرات : من التدبير ، وهو التفكير في عاقبة الامور ، وأرادت الآية القيام بالأعمال على أحسن وجه.
وبعد هذه التعريفات الموجزة نشرع بالتفسير :
إنّ القسم المذكور يتعلق بالملائكة الموكلة بقبض أرواح الكفار والمجرمين ، ولكون تلك الأرواح قد رفضت التسليم للحق ، فيكون فصلها عن أجسادها بشدّة.
ويتعلق كذلك ، بالملائكة الموكلة بقبض أرواح المؤمنين برفق ويُسر ، وسرعة في إتمام الأمر.
والملائكة التي تسرع في تنفيذ الأوامر الإلهية.
ثم الملائكة التي تتسابق في تنفيذ الأوامر الإلهية.