وأخيراً ، يتعلق القسم بالملائكة التي تدبّر شؤون العالم بأمره سبحانه وتعالى.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠) أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (١٤)
صيحة الموت المرعبة : بعد أن أكّد القرآن الكريم على حقيقة القيامة وحتمية وقوعها في الآيات السابقة ، تتعرض الآيات أعلاه لبعض ما يصاحب يوم القيامة من علامات وأحداث ، فتقول : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ). أي : يوم تحدث الزلزلة العظيمة المهولة.
ثم : (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ).
«الراجفة : من الرجف ، بمعنى الإضطراب والتزلزل.
«الرادفة : من الردف ، وهو الشخص أو الشيء الذي يأتي بعد نظيره تتابعاً.
إنّ الراجفة هي الصيحة ونفخة الصور الاولى التي تعلن عن موت جميع الخلائق ، والرادفة هي الصيحة ونفخة الصور الثانية التي يبعث فيها الخلق مرّة اخرى ليعيشوا يوم القيامة.
وتأتي الآية الاخرى لتقول : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ).
فقلوب العاصين شديدة الإضطراب خوفاً من الحساب والجزاء.
ويكون التزلزل الداخلي من الشدّة بحيث يظهر على وجوه كل المذنبين ، ولذا يقول القرآن : (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ).
فيبدو الإضطراب والخوف ظاهراً على أعين المذنبين ، وتتوقف حركتها وكأنّها قد فقدت حاسة النظر لما أصابها من خوف شديد.
وفي الآية التالية ينتقل الحديث من أخبار يوم القيامة إلى الحياة الدنيا : (يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى الْحَافِرَةِ).
«الحافرة : من الحفر بمعنى شقّ الأرض ، وما ينتج من ذلك يسمى (حفرة). والحافرة : كناية لمن يُرد من حيث جاء ، كما لو سار إنسان على أرض ، فيترك فيها حفراً لتحمل آثار قدمه ، ثم يعود إلى نفس تلك الحفر ، فالحافرة : تعني الحالة الاولى.